اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمَا جَعَلۡنَٰهُمۡ جَسَدٗا لَّا يَأۡكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَٰلِدِينَ} (8)

قوله : { وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً } أي ما جعلنا الرسل جسداً ، ولم يقل : أجساداً ، لأنه اسم جنس{[27873]} . { لاَّ يَأْكُلُونَ الطعام } هذا رد لقولهم : { مَالِ هذا الرسول يَأْكُلُ الطعام }{[27874]} والمعنى : لم نجعل الرسل ملائكة بل جعلناهم بشراً يأكلون الطعام { وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ } في الدنيا : قوله : { لاَّ يَأْكُلُونَ الطعام }{[27875]} في هذه الجملة وجهان :

أظهرهما : أنها في محل نصب نعتاً ل «جسداً »{[27876]} و «جسداً » مفرد يراد به الجمع ، وهو على حذف مضاف أي : ذوي أجساد غير آكلين الطعام ، و «جعل » يجوز أن تكون بمعنى ( صير ) فتتعدى لاثنين ثانيهما «جسداً » ويجوز أن تكون بمعنى ( خلق ) و ( أنشأ ) فتتعدى لواحد فيكون «جسداً » حالاً بتأويله بمشتق ، أي : متغذين ، لأن الجسد لا بد له من الغذاء{[27877]} .

وقال أبو البقاء : و{[27878]} «لا يأكلون » حال أخرى ، بعد «جسداً » إذا قلنا إن ( جعل تتعدى لواحد ){[27879]} .

وفيه نظر . بل هو صفة ل «جسداً » بالاعتبارين ، لا يليق المعنى إلا به .


[27873]:انظر التبيان 2/912.
[27874]:من قوله تعالى: {وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا} [الفرقان: 7].
[27875]:انظر الكشاف 3/4، التبيان 2/912.
[27876]:انظر التبيان 2/912.
[27877]:انظر المرجع السابق.
[27878]:في النسختين: أن، وما أثبته من التبيان.
[27879]:قال أبو البقاء: (و"جعلناهم" يجوز أن يكون متعديا إلى اثنين، وأن يعدى إلى واحد فيكون "جسدا" حالا، و"لا يأكلون" حالا أخرى) التبيان 2/912.