مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَمَا جَعَلۡنَٰهُمۡ جَسَدٗا لَّا يَأۡكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَٰلِدِينَ} (8)

ثم بين تعالى أنه لم يجعل الرسل قبله جسدا لا يأكلون الطعام وفيه أبحاث :

البحث الأول : قوله : { لا يأكلون الطعام } صفة جسد والمعنى وما جعلنا الأنبياء ذوي جسد غير طاعمين .

البحث الثاني : وحد الجسد لإرادة الجنس كأنه قال ذوي ضرب من الأجساد .

البحث الثالث : أنهم كانوا يقولون : { ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا } فأجاب الله بقوله : { وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام } فبين تعالى أن هذه عادة الله في الرسل من قبل وأنه لم يجعلهم جسدا لا يأكلون بل جسدا يأكلون الطعام ولا يخلدون في الدنيا بل يموتون كغيرهم ، ونبه بذلك على أن الذي صاروا به رسلا غير ذلك وهو ظهور المعجزات على أيديهم وبراءتهم عن الصفات القادحة في التبليغ ،