معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءَۢ بِقَدَرٖ فَأَنشَرۡنَا بِهِۦ بَلۡدَةٗ مَّيۡتٗاۚ كَذَٰلِكَ تُخۡرَجُونَ} (11)

قوله عز وجل :{ والذي نزل من السماء ماءً بقدر } ، أي بقدر حاجتكم إليه لا كما أنزل على قوم نوح بغير قدر حتى أهلكهم . { فأنشرنا } أحيينا { به بلدة ميتا كذلك } أي كما أحيينا هذه البلدة الميتة بالمطر كذلك ، { تخرجون } من قبوركم أحياء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءَۢ بِقَدَرٖ فَأَنشَرۡنَا بِهِۦ بَلۡدَةٗ مَّيۡتٗاۚ كَذَٰلِكَ تُخۡرَجُونَ} (11)

{ وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ } لا يزيد ولا ينقص ، ويكون أيضا بمقدار الحاجة ، لا ينقص بحيث لا يكون فيه نفع ، ولا يزيد بحيث يضر العباد والبلاد ، بل أغاث به العباد ، وأنقذ به البلاد من الشدة ، ولهذا قال : { فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا } أي : أحييناها بعد موتها ، { كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } أي : فكما أحيا الأرض الميتة الهامدة بالماء ، كذلك يحييكم بعد ما تستكملون في البرزخ ، ليجازيكم بأعمالكم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءَۢ بِقَدَرٖ فَأَنشَرۡنَا بِهِۦ بَلۡدَةٗ مَّيۡتٗاۚ كَذَٰلِكَ تُخۡرَجُونَ} (11)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَالّذِي نَزّلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مّيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ * وَالّذِي خَلَقَ الأزْوَاجَ كُلّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مّنَ الْفُلْكِ وَالأنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وَالّذِي نَزّلَ مِنَ السّماءِ ماءً بقَدَرٍ يعني : ما نزّل جلّ ثناؤه من الأمطار من السماء بقدر : يقول : بمقدار حاجتكم إليه ، فلم يجعله كالطوفان ، فيكون عذابا كالذي أنزل على قوم نوح ، ولا جعله قليلاً ، لا ينبت به النبات والزرع من قلّته ، ولكنه جعله غيثا مغيثا ، وَحَيا للأرض الميتة محييا فَأنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتا يقول جلّ ثناؤه : فأحيينا به بلدة من بلادكم ميتا ، يعني مجدبة لا نبات بها ولا زرع ، قد درست من الجدوب ، وتعفنت من القحوط كَذلكَ تُخْرَجُونَ يقول تعالى ذكره : كما أخرجنا بهذا الماء الذي نزّلناه من السماء من هذه البلدة الميتة بعد جدوبها وقحوطها النبات والزرع ، كذلك أيها الناس تُخرجون من بعد فنائكم ومصيركم في الأرض رفاتا بالماء الذي أنزله إليها لإحيائكم من بعد مماتكم منها أحياء كهيئتكم التي بها قبل مماتكم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَالّذِي نَزّلَ مِنَ السّماءِ ماءً بقَدَرٍ . . . الاَية ، كما أحيا الله هذه الأرض الميتة بهذا الماء كذلك تبعثون يوم القيامة وقيل : أنشرنا به ، لأن معناه : أحيينا به ، ولو وصفت الأرض بأنها أحييت ، قيل : نشرت الأرض ، كما قال الأعشى :

حتى يَقُولَ النّاسُ مِمّا رأَوْا *** يا عَجَبا للْمَيّتِ النّاشِرِ

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءَۢ بِقَدَرٖ فَأَنشَرۡنَا بِهِۦ بَلۡدَةٗ مَّيۡتٗاۚ كَذَٰلِكَ تُخۡرَجُونَ} (11)

وقوله تعالى : { من السماء } هو المطر بإجماع ، واختلف المتأولون في معنى قوله : { بقدر } فقالت فرقة معناه : بقضاء وحتم في الأزل . وقال آخرون المعنى : بقدر في الكفاية للصلاح لا إكثار فيفسد ولا قلة فيقصر ، بل غيثاً مغيثاً سبيلاً نافعاً . وقالت فرقة معناه : بتقدير وتحرير ، أي قدراً معلوماً ، ثم اختلف قائلو هذه المقالة ، فقال بعضهم : ينزل كل عام ماء قدراً واحداً لا يفضل عام عاماً ، لكن يكثر مرة هنا ومرة هاهنا . وقالت فرقة : بل ينزل الله تقديراً ما في عام ، وينزل في آخر تقديراً آخر بحسب ما سبق به قضاؤه ، لا إله غيره . و : { أنشرنا } معناه : أحيينا ، يقال : نشر الميت ، وأنشره الله . و : { بلدة } اسم جنس ، ووصفها ب { ميتاً } دون ضمير من حيث هي واقعة موقع قطر ونحوه ، إذ التأنيث فيها غير حقيقي .

وقرأ الجمهور : «ميْتاً » بسكون الياء . وقرأ أبو جعفر بن القعقاع : «ميِّتاً » بياء مكسورة مشددة ، وهي قراءة عيسى بن عمر ، والأول أرجح لشبه لفظها : بزور ، وعدل ، فحسن وصف المؤنث بها .

وقرأ أكثر السبعة والأعرج وأبو جعفر : «كذلك تُخرَجون » بضم التاء وفتح الراء . وقرأ حمزة والكسائي وابن وثاب وعبد الله بن جبير المصيح : «وكذلك تَخرُجون » بفتح التاء وضم الراء .