إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءَۢ بِقَدَرٖ فَأَنشَرۡنَا بِهِۦ بَلۡدَةٗ مَّيۡتٗاۚ كَذَٰلِكَ تُخۡرَجُونَ} (11)

{ والذي نَزَّلَ مِنَ السماء مَاء بِقَدَرٍ } بمقدارٍ تقتضيه مشيئتُه المبنيةُ على الحِكَمِ والمصالحِ . { فَأَنشَرْنَا بِهِ } أي أحيينَا بذلكَ الماءِ { بَلْدَةً ميْتاً } خالياً عن النماءِ والنباتِ بالكُلِّيةِ . وقُرئ مَيِّتَا بالتشديدِ . وتذكيرُه لأنَّ البلدةَ في مَعْنى البلدِ والمكانِ . والالتفاتُ إلى نونِ العظيمةِ لإظهارِ كمالِ العنايةِ بأمرِ الإحياءِ ، والإشعارِ بعِظَمِ خطرِه { كذلك } أي مثلَ ذلك الإحياءِ الذي هو في الحقيقةِ إخراجُ النباتِ من الأرضِ { تُخْرَجُونَ } . أي تُبعثونَ من قبورِكم أحياءً . وفي التعبيرِ عن إخراجِ النباتِ بالإنشارِ الذي هُو إحياءُ المَوتى وعن إحيائِهم بالإخراجِ تفخيمٌ لشأنِ الإنباتِ وتهوينٌ لأمرِ العبثِ لتقويمِ سننِ الاستدلالِ وتوضيحِ منهاجِ القياسِ .