قوله تعالى : { ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم } . قرأ نافع وحمزة والكسائي متم بكسر الميم ، وقرأ الآخرون بالضم ، فمن ضمه فهو من مات يموت ، كقولك من قال يقول قلت بضم القاف ، ومن كسره فهو من مات يمات ، كقولك من يخاف خفت .
قوله تعالى : { لمغفرة من الله } . في العاقبة .
قوله تعالى : { ورحمة خير مما يجمعون } . من الغنائم ، قراءة العامة تجمعوا بالتاء ، لقوله ( ولئن قتلتم ) . وقرأ حفص عن عاصم يجمعون بالياء ، يعني خير مما يجمع الناس .
{ وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتّمْ لَمَغْفِرَةٌ مّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مّمّا يَجْمَعُونَ }
يخاطب جلّ ثناؤه عباده المؤمنين يقول لهم : لا تكونوا أيها المؤمنون في شكّ من أن الأمور كلها بيد الله ، وأن إليه الإحياء والإماتة ، كما شكّ المنافقون في ذلك ، ولكن جاهدوا في سبيل الله ، وقاتلوا أعداء الله على يقين منكم بأنه لا يقتل في حرب ، ولا يموت في سفر إلا من بلغ أجله وحانت وفاته . ثم وعدهم على جهادهم في سبيله المغفرة والرحمة ، وأخبرهم أن موتا في سبيل الله وقتلاً في الله خير لهم مما يجمعون في الدنيا من حطامها ورغيد عيشها الذي من أجله يتثاقلون عن الجهاد في سبيل الله ويتأخرون عن لقاء العدوّ . كما :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { وَلَئِنْ قُتِلُتْم فِي سَبِيلِ اللّهِ أوْ مُتّمْ لمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحمَةٌ خَيرٌ مِمّا يَجمَعُونَ } : أي إن الموت كائن لا بد منه ، فموت في سبيل الله أو قتل خير لو علموا فأيقنوا مما يجمعون في الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد ، تخوّفا من الموت والقتل لما جمعوا من زهيد الدنيا وزهادة في الاَخرة .
وإنما قال الله عزّ وجلّ : { لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ } وابتدأ الكلام : «ولئن متم أو قتلتم » بحذف جزاء «لئن » لأن في قوله : { لَمَغَفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ } معنى جواز للجزاء ، وذلك أنه وعد خرج مخرج الخبر .
فتأويل الكلام : ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم ، ليغفرنّ الله لكم وليرحمنكم ، فدلّ على ذلك بقوله : { لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ } وجمع مع الدلالة به عليه الخبر عن فضل ذلك على ما يؤثرونه من الدنيا ، وما يجمعون فيها .
وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة أنه إن قيل : كيف يكون : { لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ } جوابا لقوله : { وَلَئِنَ قُتِلتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أوْ مُتّمْ } فإن القول فيه أن يقال فيه : كأنه قال : ولئن متم أو قتلتم ، فذكر لهم رحمة من الله ومغفرة ، إذ كان ذلك في السبيل ، فقال : { لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ } يقول : لذلك { خَيرٌ مِمّا تَجْمَعُونَ } يعني لتلك المغفرة والرحمة خير مما تجمعون . ودخلت اللام في قوله : { لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللّهِ } لدخولها في قوله : «ولئن » ، كما قيل : { وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُولّنّ الأدْبارَ } .
{ ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم أي متم في سبيله } وقرأ نافع وحمزة والكسائي بكسر الميم من مات يمات . { لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون } جواب القسم وهو ساد مسد الجزاء والمعنى : إن السفر والغزو ليس مما يجلب الموت ويقدم الأجل وإن وقع ذلك في سبيل الله فما تنالون من المغفرة والرحمة بالموت خير مما تجمعون من الدنيا ومنافعها لو لم تموتوا . وقرأ حفص بالياء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.