معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (6)

{ يوم يقوم الناس } من قبورهم ، { لرب العالمين } أي لأمره ولجزائه ولحسابه . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، أنبأنا إبراهيم بن المنذر ، أنبأنا معن ، حدثني مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { يوم يقوم الناس لرب العالمين } حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه " .

أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة الكشمهيني ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، حدثنا محمد بن يعقوب الكسائي ، حدثنا عبد الله بن محمود ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، قال : حدثني سليم بن عامر ، حدثني المقداد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قدر ميل أو ميلين -قال سليم : لا أدري أي الميلين يعني مسافة الأرض أو الميل الذي تكحل به العين ؟- قال : فتصهرهم الشمس فيكونون في العرق بقدر أعمالهم ، فمنهم من يأخذه إلى عقبيه ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه ومنهم من يأخذه إلى حقويه ، ومنهم من يلجمه إلجاماً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (6)

{ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ }وعرفوا أنهم يقومون بين يدى الله ، يحاسبهم{[1380]}  على القليل والكثير ، لأقلعوا عن ذلك وتابوا منه .


[1380]:- في ب: أنهم سيقومون بين يدي الله فيحاسبهم.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (6)

وقوله : { يَوْمَ يَقُومُ الناس لِرَبِّ العالمين } بدل مما قبله . واللام فى قوله { لرب } للتعليل . أى : يقومون لأجل ربوبيته - تعالى - وتلقى حكمه الذى لا يستطيعون الفرار منه . وفى هذا الوصف ما فيه استحضار جلاله - وعظمته - سبحانه - .

قال القرطبى : وفى هذا الإِنكار والتعجيب ، وكلمة الظن . ووصف اليوم بالعظيم ، وقيام الناس فيه الله خاضعين ، ووصف ذاته برب العالمين ، بيان بليغ لعظم الذنب ، وتفاقم الإِثم فى التطفيف ، وفيما كان مثل حاله من الحيف وترك القيام بالقسط والعمل على التسوية والعدل ، فى كل أخذ وإعطاء ، بل فى كل قول وعمل . .

هذا ، وقد جاء الأمر بإيفاء الكيل والميزان ، والنهى عن تطفيفهما ، فى آيات كثيرة ، منها قوله - تعالى - : { وإلى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ ياقوم اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ المكيال والميزان إني أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وإني أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ } ومنها قوله - سبحانه - : { وَأَوْفُواْ الكيل والميزان بالقسط لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } قال بعض العلماء ما ملخصه : والتصدى لشأن المطففين بهذا الأسلوب فى سورة مكية ، أمر يلفت النظر ، فالسورة المكية عادة توجه اهتمامها إلى أصول العقائد .

ومن ثم فالتصدى لهذا الأمر بذاته ، يدل أولا على أن الإِسلام ، كان يواجه فى البيئة المكية ، حالة صارخة من هذا التطفيف يزاولها الكبراء .

. الذين يملكون إكراه الناس على ما يريدون فهم " يكتالون على الناس " لا من الناس . . فكأن لهم سلطانا على الناس .

ويدل - ثانيا - على طبيعة هذا الدين ، وشمول منهجه للحياة الواقعية ، وشئونها العملية ، وإقامتها على الأساس الأخلاقى الأصيل فى طبيعة هذا المنهج الإِلهى القويم . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (6)

يوم يقوم الناس نصب بمبعوثون أو بدل من الجار والمجرور ويؤيده القراءة بالجر لرب العالمين لحكمه وفي هذا الانكار والتعجيب وذكر الظن ووصف اليوم بالعظم وقيام الناس فيه لله والتعبير عنه برب العالمين مبالغات في المنع عن التطفيف وتعظيم إثمه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (6)

و { يوم يقوم الناس لرب العالمين } بدل من « يوم عظيم » بدلاً مطابقاً وفتحته فتحة بناء مثل ما تقدم في قوله تعالى : { يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً } في سورة الانفطار ( 19 ) على قراءة الجمهور ذلك بالفتح .

ومعنى { يقوم الناس } أنهم يكونون قياماً ، فالتعبير بالمضارع لاستحضار الحالة .

واللام في { لرب العالمين } للأجل ، أي لأجل ربوبيته وتلقي حكمه .

والتعبير عن الله تعالى بوصف « رب العالمين » لاستحضار عظمته بأنه مالك أصناف المخلوقات .

واللام في { العالمين } للاستغراق كما تقدم في سورة الفاتحة .

قال في « الكشاف » « وفي هذا الإِنكار ، والتعجيب ، وكلمة الظن ، ووصف اليوم بالعظيم ، وقيام الناس فيه لله خاضعين ، ووصف ذاته ب« رب العالمين » بيان بليغ لعظيم الذنب وتفاقم الإِثم في التطفيف وفيما كان مثل حالهِ من الحيف وترك القيام بالقسط والعمل على السوية » اه .

ولما كان الحامل لهم على التطفيف احتقارهم أهل الجَلب من أهل البوادي فلا يقيمون لهم ما هو شعار العدل والمساواة ، كان التطفيف لذلك منبئاً عن إثم احتقار الحقوق ، وذلك قد صار خلقاً لهم حتى تخلقوا بمكابرة دعاة الحق ، وقد أشار إلى هذا التنويه به قوله تعالى : { والسماء رفعها ووضع الميزان أن لا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان } [ الرحمن : 7 9 ] وقولُه حكاية عن شعيب : { وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين } [ الشعراء : 182 ، 183 ] .