الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{يَوۡمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (6)

تفسير الإمام مالك 179 هـ :

ابن جرير: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، حدثني عمي، قال: "أخبرني مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {يوم يقوم الناس لرب العالمين} حتى إن أحدهم ليغيب في رشحه إلى نصف أذنيه".

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبّ الْعالَمِينَ"...

وذُكر أن الناس يقومون لربّ العالمين يوم القيامة، حتى يُلْجِمَهم العرق...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

أي لحكمه أو لحسابه أو لوعده ووعيده، أو يقومون له مستسلمين خاضعين بجملتهم، وإن كان البعض منهم وجد منه الامتناع عن الاستسلام في الدنيا؛ فإن الظلمة ينازعونه، ويدعون لأنفسهم أشياء، فينكرونه. فأما يوم القيامة فإنهم جميعا يقرون له، وينقادون لحكمه وقضائه، لذلك خصه بقيام الناس له...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

ثم زاد في صفة يوم القيامة الذي وصفه بأنه يوم عظيم وبينه فقال (يوم يقوم الناس لرب العالمين) أي يوم يبعثون يوم تقوم الناس من قبورهم ويجتمعون في أرض المحشر، وإنما يقومون من قبورهم إلى أرض المحشر لجزاء رب العالمين، وحذف ذلك الدلالة عليه...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

ففيه مسائل:

المسألة الأولى: قرئ {يوم} بالنصب والجر، أما النصب فقال الزجاج: يوم منصوب بقوله {مبعوثون} والمعنى ألا يظنون أنهم يبعثون يوم القيامة، وقال الفراء: وقد يكون في موضع خفض إلا أنه أضيف إلى يفعل فنصب، وهذا كما ذكرنا في قوله: {يوم لا تملك} وأما الجر فلكونه بدلا من {يوم عظيم}.

المسألة الثانية: هذا القيام له صفات: الصفة الأولى: سببه وفيه وجوه؛

(أحدها): وهو الأصح أن الناس يقومون لمحاسبة رب العالمين، فيظهر هناك هذا التطفيف الذي يظن أنه حقير، فيعرف هناك كثرته واجتماعه...

و (ثانيها): أنه سبحانه يرد الأرواح إلى أجسادها فتقوم تلك الأجساد من مراقدها، فذاك هو المراد من قوله: {يوم يقوم الناس لرب العالمين}.

(وثالثها): قال أبو مسلم معنى: {يقوم الناس}... أي لمحض أمره وطاعته لا لشيء آخر...

ثم قال ثالثا: {ليوم عظيم} والشيء الذي يستعظمه الله لا شك أنه في غاية العظمة،

ثم قال رابعا: {يوم يقوم الناس لرب العالمين} وفيه نوعان من التهديد؛

(أحدهما): كونهم قائمين مع غاية الخشوع ونهاية الذلة والانكسار.

(والثاني): أنه وصف نفسه بكونه ربا للعالمين. ثم ههنا سؤال، وهو كأنه قال قائل: كيف يليق بك مع غاية عظمتك أي تهيئ هذا المحفل العظيم الذي هو محفل القيلة لأجل الشيء الحقير الطفيف؟ فكأنه سبحانه يجيب، فيقول عظمة الإلهية لا تتم إلا بالعظمة في القدرة والعظمة في الحكمة، فعظمة القدرة ظهرت بكوني ربا للعالمين، لكن عظمة الحكمة لا تظهر إلا بأن أنتصف للمظلوم من الظالم بسبب ذلك القدر الحقير الطفيف، فإن الشيء كلما كان أحقر وأصغر كان العلم الواصل إليه أعظم وأتم، فلأجل إظهار العظمة في الحكمة أحضرت خلق الأولين والآخرين في محفل القيامة، وحاسبت المطفف لأجل ذلك القدر الطفيف...

أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :

والتعبير عنه برب العالمين مبالغات في المنع عن التطفيف وتعظيم إثمه...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{يوم يقوم} أي على الأرجل {الناس} أي كل من فيه قابلية الحركة، وذلك يوم القيامة خمسين ألف سنة لا ينظر إليهم سبحانه -رواه الطبراني في الكبير عن عبد الله بن عمرو رفعه ورجاله ثقات {لرب العالمين} أي لأجل حكم موجد الخلائق ومربيهم كلهم فلا ينسى أحداً من رزقه ولا يهمله من حكمه ولا يرضى بظلم أحد ممن يربيه فهو يفيض لكل من كل بحكم التربية، كل ذلك من استفهام الإنكار وكله الظن، ووصف اليوم بما وصف وغير ذلك للإبلاغ في المنع عن التطفيف وتعظيم إثمه،...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{يقوم الناس} أنهم يكونون قياماً، فالتعبير بالمضارع لاستحضار الحالة. واللام في {لرب العالمين} للأجل، أي لأجل ربوبيته وتلقي حكمه. والتعبير عن الله تعالى بوصف « رب العالمين» لاستحضار عظمته بأنه مالك أصناف المخلوقات. واللام في {العالمين} للاستغراق كما تقدم في سورة الفاتحة...

ولما كان الحامل لهم على التطفيف احتقارهم أهل الجَلب من أهل البوادي فلا يقيمون لهم ما هو شعار العدل والمساواة، كان التطفيف لذلك منبئاً عن إثم احتقار الحقوق، وذلك قد صار خلقاً لهم حتى تخلقوا بمكابرة دعاة الحق...