الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَوۡمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (6)

- قوله تعالى : ( يوم يقوم الناس لرب العلمين ) إلى قوله : ( ( كنتم ) {[74294]} به تكذبون )

أي : يبعثون يوم يقوم .

ويجوز [ أن يكون ] {[74295]} بدلا من ( ليوم عظيم ) على الموضع {[74296]} .

وقال الفراء : هو {[74297]} مبني على الفتح {[74298]} ، ولا يحسن عند البصريين بناؤه مع إضافته إلى معرب ، إنما يجوز بناؤه إذا أضيف إلى مبني {[74299]} . والمعنى : يوم يقوم الناس على أقدامهم لرب العالمين .

روي أن الناس يقومون يوم القيامة حتى يلجمهم العرق ، فيقومون مقدار أربعين {[74300]} عاما {[74301]} .

وقيل : مقدرا ثلاثمائة عام {[74302]} .

وروى ابن عمر [ عن النبي صلى الله عليه وسلم ] أنه قال : " يقدم أحدكم في رشحه إلى أنصاف أذنيه " {[74303]} وروى أبو هريرة ] {[74304]} أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير الغفاري {[74305]} : " كيف أنت صانع في يوم يقوم الناس لرب {[74306]} العالمين مقدار ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا لا يأتيهم خبر من السماء ولا يأمر {[74307]} فيهم بأمر ؟ فقال بشير : اله يا رسول الله ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أويت إلى فراشك : فتعوذ بالله من كرب {[74308]} ( يوم ) {[74309]} القيامة وسوء {[74310]} الحساب {[74311]} " .

وعن ابن عمر أنه قال : " يقومون مائة سنة " {[74312]}

وقال ابن مسعود : يمكثون {[74313]} أربعين عاما رافعي {[74314]} رؤوسهم إلى السماء ، لا يكلمهم أحدـ قد ألجم {[74315]} العرق كل {[74316]} بر وفاجر . قال : [ فينادى ] {[74317]} مناد : أليس عدلا من ربكم أنه خلقكم ثم صوركم ( ثم رزقكم ) {[74318]} ثم توليتم غيره أن يولي {[74319]} كل عبد منكم ما تولى في الدنيا ؟ فيقولون : بلى " ، ثم ذكر الحديث {[74320]} .

وقال كعب : يقومون قدر ثلاثمائة سنة {[74321]} .

وروى عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {[74322]} : " تدنو الشمس يوم القيامة من الأرض ، فمن الناس من يعرق إلى كعبيه ، ومنهم من يعرق إلى ركبتيه ، ومنهم من يعرق إلى عجزه {[74323]} ، ومنهم من يعرق إلى خاصرته ، ومنهم من يعرق إلى منكبيه ، ومنهم من يعرق إلى عنقه ، ومنهم من يعرق إلى نصف فمه ملحما به ، ومنهم من [ يشمله ] {[74324]} العرق {[74325]} . قال {[74326]} عمير [ بن ] {[74327]} هانئ {[74328]} : يحشر الناس يوم القيامة على أرض قد مدها [ الله ] {[74329]} تبارك وتعالى مد الأديم العكاظي ، فهم من ضيق مقامهم {[74330]} فيها كضيق سهام اجتمعت في كنانتها . قال : فالسعيد يومئذ من وجد لقدمه {[74331]} مقاما قال : وأكثر الأقدام يومئذ بعضها على بعض . قال : فهم فيها مجتمعون ينفذهم البصر {[74332]} ويسمعهم الداعي {[74333]} . فبينما هم كذلك إذ سمعوا زفرة من زفير جهنم ، فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل {[74334]} إلا خر لركبتيه ، حتى إن إبراهيم صلى الله عليه وسلم ليقول {[74335]} : ( نفسي ) {[74336]} ، ( رب ) {[74337]} نفسي ، لا أسألك غيرها . فلا يبقى {[74338]} عند تلك الزفرة دمعة إلا جرت ، ثم يسمعون زفرة أخرى فلا يبقى دم في {[74339]} عين إلآ جرى ، ثم يسمعون زفرة أخرى فلا يبقى قيح إلا سال يتبع بعضه بعضا ، ويمد {[74340]} بعضه بعضا حتى يسيل إلى واد يقال ( له سائل ، فيفرغ في جهنم ، فذلك قوله ) {[74341]} : ( سال سائل بعذاب واقع ) {[74342]} .


[74294]:ساقط من أ.
[74295]:زيادة من ث.
[74296]:انظر: إعراب ابن الأنباري 2/500.
[74297]:ث: هي.
[74298]:انظر: معاني الفراء 3/246 وفيه: "لَمَّا ألقي اللام من الثاني رده إلى" مبعوثون؛ يوم يقوم الناس "فلو خفضت" "يوم "بالرد على اليوم الأول كان صواباً".
[74299]:انظر: الكتاب 2/330.
[74300]:كتب هذا الرقم في ث هكذا: 5ع.
[74301]:انظر: جامع البيان 30/92.
[74302]:انظر: ص 529 من هذا التفسير.
[74303]:أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب قوله تعالى: (ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم) عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم "(يوم يقوم الناس لرب العالمين) قال يَقُومُ أَحَدُكُمْ..." الحديث. وأخرجه مسلم في كتاب الجنة، باب صفة يوم القيامة (شرح النووي على مسلم: 17/195]. قال ابن الأثير في النهاية: 2/224 "الرَّشْحُ: العَرَقُ، لأنه يَخرجُ من البَدَنِ شيئاً فشيئاً كما يَرْشَحُ الإناء المُتَخَلْخِلُ الأَجْزَاءِ".
[74304]:ما بين معقوفتين [عن النبي صلى الله عليه وسلم – وروى أبو هريرة] ساقط من م.
[74305]:هو بشير الغفاري صحابي جليل، روي أنه كان له مقعد من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخطئه، ولم أقف على لقبه ونسبه بالكامل. وهو معروف بالحديث الذي ذكره مكي، انظر: أسد الغابة 1/234، والإصابة 1/166.
[74306]:أ: فيه لرب.
[74307]:أ، ث: ولا يؤمر. وكذا في جامع البيان: 30/93.
[74308]:أ: ذكر (تحريف).
[74309]:ساقط من ث.
[74310]:ث: وهو (تحريف).
[74311]:أخرجه الطبري في جامع البيان: 30/93 بنحوه عن أبي هريرة، وأخرجه ابن أبي حاتم. انظر: تفسير ابن كثير: 4/517 وأخرجه ابن مردويه، انظر: الدر 8/443، وذكره الماوردي في تفسيره: 4/419 مختصراً.
[74312]:جامع البيان: 30/92.
[74313]:ث: يقومون.
[74314]:أربعين عاماً ما رفعوا.
[74315]:ث: الجمهم.
[74316]:ث: على كل.
[74317]:م: ينادا.
[74318]:ساقط من أ.
[74319]:ث: يتولى.
[74320]:انظر: جامع البيان 30/93.
[74321]:انظر: المصدر السابق والدر 8/443 وأخرجه أيضاً عن قتادة وحذيفة.
[74322]:أ، ث: أنه قال.
[74323]:أ: منخره.
[74324]:م: يلجمه. ويدل على ما أثبت ما جاء في رواية الإمام أحمد: قال "يغطيه عرقه".
[74325]:أخرجه الإمام أحمد في المسند 4/157 ورواه النحاس في إعرابه 5/176 مختصراً. وانظر: تفسير ابن كثير4/517.
[74326]:أ: وقال.
[74327]:ساقط من م، ث.
[74328]:هو أبو الوليد عمير بن هانئ العنسي الشامي، من التابعين، قيل إنه أدرك ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ابن عمر، وَلاَّهُ عمر بن عبد العزيز على الثنية والحوران، قتله السفر بن حبيب المري سنة 132هـ. انظر: كتاب مشاهير علماء الأمصار لابن حيان: 112 وصفة الصفوة 4/219.
[74329]:زيادة من ث.
[74330]:ث: مقامه.
[74331]:أ: لقدميه.
[74332]:ذكر صاحب اللسان بعضاً من حديث لابن مسعود فيه مثل هذه العبارة قال: "إنكم مجموعون في صعيد واحد ينفذكم البصر...". ثم قال، قال أبو عبيد: "المعنى أنه بنفذهم بصر الرحمن حتى يأتي عليهم كلهم. قال الكسائي: يقال: نفذني بصره ينفذني إذا بلغني وجاوزني. وقيل: ينفذهم بصر الناظر لاستواء الصعيد. قال أبو حاتم: أصحاب الحديث يروونه بالذال المعجمة، وإنما هو بالدال المهملة، أي يبلغ أولهم وآخرهم حتى يراهم كلهم ويستوعبهم، من نفد وأنفدته، وحَمْلُ الحديث على بصر المبصر أولى من حمله على بصر الرحمن، لأن الله يجمع الناس يوم القيامة في أرض يشهد جميع الخلائق فيها محاسبة العبد الواحد على انفراده ويرون ما يصير إليه، ومنه حديث أنس: جمعوا في صردح ينفذهم البصر ويسمعهم الصوت. انظر: اللسان (نفذ).
[74333]:ث: الراعي.
[74334]:أ: فلا يبقى نَبِيّ مرسل ولا ملك مقرب.
[74335]:أ: يقول.
[74336]:ساقط من أ، ث.
[74337]:ساقط من أ.
[74338]:ث: فلا تبقى.
[74339]:ث: من.
[74340]:ث: ولا يمد.
[74341]:ساقط من أ.
[74342]:المعارج: 1. ولم أقف على قول عمير بن هانئ.