معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيۡبٗا كَأَن لَّمۡ يَغۡنَوۡاْ فِيهَاۚ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيۡبٗا كَانُواْ هُمُ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (92)

قوله تعالى : { الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها } ، أي : لم يقيموا ولم ينزلوا فيها ، من قولهم : غنيت بالمكان إذا أقمت به ، والمغاني المنازل ، واحدها مغنى ، وقيل : كأن لم يتنعموا فيها .

قوله تعالى : { الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين } ، لا المؤمنين كما زعموا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيۡبٗا كَأَن لَّمۡ يَغۡنَوۡاْ فِيهَاۚ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيۡبٗا كَانُواْ هُمُ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (92)

قال تعالى ناعيا حالهم { الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا ْ } أي : كأنهم ما أقاموا في ديارهم ، وكأنهم ما تمتعوا في عرصاتها ، ولا تفيئوا في ظلالها ، ولا غنوا في مسارح أنهارها ، ولا أكلوا من ثمار أشجارها ، حين فاجأهم{[319]}  العذاب ، فنقلهم من مورد اللهو واللعب واللذات ، إلى مستقر الحزن والشقاء والعقاب والدركات ولهذا قال : { الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ ْ } أي : الخسار محصور فيهم ، لأنهم خسروا دينهم وأنفسهم وأهليهم يوم القيامة ، ألا ذلك هو الخسران المبين ، لا من قالوا لهم : { لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ ْ }


[319]:- في ب: فأخذهم العذاب.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيۡبٗا كَأَن لَّمۡ يَغۡنَوۡاْ فِيهَاۚ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيۡبٗا كَانُواْ هُمُ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (92)

ثم يعقب القرآن على مصرعهم بالرد على قولتهم : إن من يتبع شعيبا خاسر ، فيقرر على سبيل التهكم أن الخسران لم يكن من نصيب من اتبع شعيبا ، وإنما الخسران كان من نصيب الذين خالفوه وكذبوه ، فيقول : { الذين كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا الذين كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ الخاسرين } .

أى : الذين كذبوا شعيبا وتطاولوا عليه وهددوه وأتباعه بالاخراج من قريتهم ، كأنهم عندما حاقت بهم العقوبة لم يقيموا في ديارهم ناعمى البال ، يظلهم العيش الرغيد ، والغنى الظاهر .

يقال : غنى بالمكان يغنى ، أقامبه وعاش فيه في نعمة ورغد .

والجلمة الكريمة استئناف لبيان ابتلائهم بشؤم قولهم : { لَنُخْرِجَنَّكَ ياشعيب والذين آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ } فكأن سائلا ، قال : فكيف كان مصيرهم ؟ فكان الجواب : الذين هددوا شعيبا ومن معه وأنذروهم بالاخراج كانت عاقبتهم أن هلكوا وحرموا من قريتهم حتى لكأنهم لم يقيموا بها ، ولم يعيشوا بالاخراج كانت عاقبتهم أن هلكوا وحرموا من قريتهم حتى لكأنهم لم يقيموا بها ، ولم يعيشوا فيها مطلقا ، لأنه متى انقضى الشىء صار كأنه لم يكن .

والاسم الموصول { الذين } مبتدأ ، وخبره جملة { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا } .

ثم أعاد القرآن الموصول وصلته لزيادة التقرير ، وللإيذان بأن ما ذكر في حيز الصلة هو الذي استوجب العقوبتين فقال : { الذين كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا الذين كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ الخاسرين } .

أى : الذين كذبوا شعيبا وكفروا بدعوته كانوا هم الخاسرين دينيا ودنيويا ، وليس الذين اتبعوه كما زعم أولئك المهلكون .

وبهذا القدر اكتفى القرآن عن التصريح بإنجائه هنا ، وقد صرح بإنجائه في سورة هود فقال : { وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً والذين آمَنُواْ مَعَهُ } قال صاحب الكشاف : وفى هذا الاستئناف والابتداء ، وهذا التكرير ، مبالغة في رد مقالة الملأ لأشياعهم ، وتسفيه لرأيهم ، واستهزاء بنصحهم لقومهم واستعظام لما جرى عليهم

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيۡبٗا كَأَن لَّمۡ يَغۡنَوۡاْ فِيهَاۚ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيۡبٗا كَانُواْ هُمُ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (92)

{ الذين كذبوا شعيبا } مبتدأ خبره { كأن لم يغنوا فيها } أي استؤصلوا كأن لم يقيموا بها والمغنى المنزل . { الذين كذّبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين } دينا ودنيا لا الذين صدقوه واتبعوه كما زعموا ، فإنهم الرابحون في الدارين . وللتنبيه على هذا والمبالغة فيه كرر الموصول واستأنف بالجملتين وأتى بهما اسميتين .