محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيۡبٗا كَأَن لَّمۡ يَغۡنَوۡاْ فِيهَاۚ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيۡبٗا كَانُواْ هُمُ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (92)

[ 92 ] { الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين ( 92 ) } .

{ الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها } استئناف لبيان ابتلائهم بشؤم قولهم { لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا } وعقوبتهم بمقابلته . والموصول مبتدأ ، وخبره جملة { كأن لم يغنوا فيها } أي استؤصلوا بالمرة ، وصاروا كأنهم ، لما أصابتهم النقمة ، لم يقيموا بديارهم ، التي أرادوا إجلاء الرسول وصحبه منها .

ثم قال تعالى مقابلا لقيلهم السابق : { الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرون } دينا ودنيا ، لا الذين صدقوه واتبعوه كما زعموا .

قال أبو السعود : استئناف آخر لبيان ابتلائهم بعقوبة قولهم الأخير . وإعادة الموصول والصلة كما هي ، لزيادة التقرير ، والإذان بأن ما ذكر في حيز الصلة ، هو الذي استوجب العقوبتين . أي الذين كذبوه عليه السلام ، عوقبوا بمقالتهم الأخيرة ، فصاروا هم الخاسرون ، لا المتبعون له ، وبهذا القصر اكتفى عن التصريح بإنجائه عليه الصلاة والسلام ، كما وقع في سورة هود من قوله تعالى : { ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه } .

وقال الزمخشري : في هذا الاستئناف والابتداء ، وهذا التكرير ، مبالغة في ردّ مقالة الملأ لأشياعهم ، وتسفيه لرأيهم ، واستهزاء بنصحهم لقومهم ، واستعظام لما جرى عليهم .

/ وفي ( العناية ) : أن من عادة العرب الاستئناف من غير عطف ، في الذم والتوبيخ . فيقولون : أخوك الذي نهب مالنا ، أخوك الذي هتك سترنا- انتهى- .