إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيۡبٗا كَأَن لَّمۡ يَغۡنَوۡاْ فِيهَاۚ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيۡبٗا كَانُواْ هُمُ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (92)

{ الذين كَذَّبُواْ شُعَيْبًا } استئنافٌ لبيان ابتلائِهم بشؤم قولِهم فيما سبق : { لَنُخْرِجَنَّكَ يا شعيب والذين آمنوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا } [ الأعراف : الآية 88 ] وعقوبتِهم بمقابلته ، والموصولُ مبتدأٌ خبرُه قوله تعالى : { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا } أي استُؤصِلوا بالمرة وصاروا كأنهم لم يقيموا بقريتهم أصلاً أي عوقبوا بقولهم ذلك وصاروا هم المُخرَجين من القرية إخراجاً لا دخولَ بعده أبداً وقوله تعالى : { الذين كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَانُواْ هُمُ الخاسرين } استئنافٌ آخرُ لبيان ابتلائِهم بعقوبة قولِهم الأخيرِ ، وإعادةُ الموصولِ والصلةِ كما هي لزيادة التقريرِ والإيذانِ بأن ما ذكر في حيز الصلةِ هو الذي استوجب العقوبتين أي الذين كذبوه عليه السلام عوقبوا بمقالتهم الأخيرة فصاروا هم الخاسرين للدنيا والدين لا المتبعون له عليه الصلاة والسلام ، وبهذا القصر اكتُفي عن التصريح بإنجائه عليه الصلاة والسلام كما وقع في سورة هود من قوله تعالى : { وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا والذين ءامَنُواْ مَعَهُ } [ هود ، الآية 94 ] الخ .