معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩} (19)

ثم قال :{ كلا } ليس الأمر على ما عليه أبو جهل ، { لا تطعه } في ترك الصلاة ، { واسجد } صل لله ، { واقترب } من الله .

أخبرنا أبو طاهر عمر بن عبد العزيز القاشاني ، أنبأنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي ، حدثنا أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي ، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث ، حدثنا أحمد بن صالح وأحمد بن عمرو بن السراج ومحمد بن سلمة قالوا : أخبرنا وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن عمارة بن غزية ، عن مولى أبي بكر أنه سمع أبا صالح ذكوان يحدث عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء " .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩} (19)

وأما حالة المنهي ، فأمره الله أن لا يصغى إلى هذا الناهي ولا ينقاد لنهيه فقال : { كَلَّا لَا تُطِعْهُ } [ أي : ] فإنه لا يأمر إلا بما فيه خسارة الدارين ، { وَاسْجُدْ } لربك { وَاقْتَربَ } منه في السجود وغيره من أنواع الطاعات والقربات ، فإنها كلها تدني من رضاه ، وتقرب منه .

وهذا عام لكل ناه عن الخير ومنهي عنه ، وإن كانت نازلة في شأن أبي جهل حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة ، وعبث به{[1460]}  وآذاه . تمت ولله الحمد .


[1460]:- في ب: وعذبه
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩} (19)

وقوله - تعالى - : { كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ واسجد واقترب } ردع آخر لهذا الكافر عن الغرور والبطر والطغيان ، وإبطال لدعواه أنه سيدعو أهل نادية ، وتأكيد لعجزه عن منع الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة .

أى : كلا ليس الأمر كما قال هذا المغرور من أن أهله وعشيرته سينصرونه ، وسيقفون إلى جانبه فى منعك أيها الرسول الكريم من الصلاة ، فإنهم وغيرهم أعجز من أن يفعلوا ذلك ، وعليك - أيها الرسول الكريم - أن تمضى فى طريقك ، وأن تواظب على أداء الصلاة فى المكان الذى تختاره ، ولا تطع هذا الشقي ، فإنه جاهل مغرور ، واسجد لربك ، وتقرب إليه - تعالى - بالعبادة والطاعة ، وداوم على ذلك .

فالمقصود بهذه الآية الكريمة ، حض النبى صلى الله عليه على المداومة على الصلاة فى الكعبة ، وعدم المبالاة بنهى الناهين عن ذلك ، فإنهم أحقر من أن يفعلوا شيئا . .

نسأل الله - تعالى - أن يجعلنا جميعا من عباده الصالحين .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩} (19)

وقوله : { كَلا لا تُطِعْهُ } يعني : يا محمد ، لا تطعه فيما ينهاك عنه من المداومة على العبادة وكثرتها ، وصلِّ حيث شئت ولا تباله ؛ فإن الله حافظك وناصرك ، وهو يعصمك من الناس ، { وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } كما ثبت في الصحيح - عند مسلم - من طريق عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن عمارة بن غزية ، عن سُمَيّ ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء " {[30258]} .

وتقدم أيضًا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسجد في : { إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } و { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }

آخر تفسير سورة " اقرأ " {[30259]} .


[30258]:- (1) صحيح مسلم برقم (482).
[30259]:- (2) في م، أ: "آخر تفسيرها".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩} (19)

ثم قال تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم : [ كلا ] ردا على قول هذا الكافر وأفعاله [ لا تطعه ] أي : لا تلتفت إلى نهيه وكلامه ، ( واسجد ) لربك ، ( واقترب ) إليه بسجودك وبالطاعة وبالأعمال الصالحة ، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أقرب ما يكون العبد من ربه إذا سجد ، فأكثروا من الدعاء في السجود ، فقمن أن يستجاب لكم ){[11915]} وقاله مجاهد ، قال : ألم تسمعوا ( واسجد واقترب ) ، وروى ابن وهب عن جماعة من أهل العلم أن قوله تعالى : [ واسجد ] خطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وأن [ واقترب ] خطاب لأبي جهل ، أي إن كنت تجترىء حتى ترى كيف تهلك .

وهذه السورة فيها سجدة عند جماعة من أهل العلم منهم ابن وهب من أصحاب مالك .

كمل تفسير سورة القلم والحمد لله رب العالمين .


[11915]:أخرجه مسلم في الصلاة والنسائي في المواقيت، والترمذي في الدعوات، وأحمد في مسنده (2/421)، ولفظه كما في مسند أحمد (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء)، أما الجملة الأخيرة فقد وردت في حديث آخر أخرجه الإمام أحمد أيضا في مسنده وهو عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد رفعه، أنه صلى الله عليه وسلم نهي أن يقرأ القرآن وهو راكع، وقال: (إذا ركعتم فعظموا الله، وإذا سجدتم فادعوا، فقمن أن يستجاب لكم) ومعنى "قمن" و "فمن" : جدير وخليق. والحديث ذكره السيوطي في "الجامع الصغير" وزاد نسبته إلى أبي داود، ثم رمز له بأنه حديث صحيح.