اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩} (19)

قوله : { كَلاَّ } أي : ليس الأمر كما يظنه أبو جهل «لا تُطِعْهُ » فيما دعاك إليه من ترك الصلاة «واسْجُدْ » ، أي : صل لله «واقْتَرِبْ » أي : اقترب إلى الله بالطَّاعة والعبادة .

وقيل : المعنى : إذا سجدت اقترب من الله بالدعاء .

قال صلى الله عليه وسلم : «أمَّا الرُّكوعُ فعَظَّمُوا فِيْهِ الربَّ تعالى ، وأمَّا السُّجُود فاجْتَهدُوا في الدُّعَاءِ ، فقمن أنْ يُسْتجابَ لَكُمْ »{[60571]} .

وقال صلى الله عله وسلم : «أقْرَبُ ما يَكُونُ العبدُ مِنْ ربِّه وهُوَ سَاجِدٌ »{[60572]} .

فالسجود في قوله تعالى : { واسجد واقترب } يحتمل أن يكون بمعنى السجود في الصلاة ، ويحتمل أن يكون سجود التلاوة في هذه السورة .

وقال ابن العربي : والظاهر أنه سجود الصلاة ؛ لقوله تعالى : { أَرَأَيْتَ الذي ينهى عَبْداً إِذَا صلى } إلى قوله : { كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ واسجد واقترب } ، لولا ما ثبت في الصحيح من رواية مسلم ، وغيره من الأئمة عن أبي هريرة ، أنه قال : سجدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في «إذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ » وفي { اقرأ باسم رَبِّكَ الذي خَلَقَ } سجدتين{[60573]} ، فكان هذا نصًّا على أن المراد سجود التلاوةِ .

ختام السورة:

روى الثعلبي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَرَأ : { اقرأ باسم رَبِّكَ } ، فكأنَّمَا قَرَأ المفصل كُلَّهُ »{[1]} والله تعالى أعلم .


[1]:في النسختين تقدم. وندم تصحيح من الرازي. وانظر تصحيح ذلك وغيره في تفسير الإمام 28/117.
[60571]:تقدم.
[60572]:تقدم.
[60573]:أخرجه مسلم كتاب المساجد (578): باب سجود التلاوة عن أبي هريرة. وقد تقدم تخريجه موسعا.