الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩} (19)

ثم قال : { كلا لا تطعه } .

أي : ليس( {[76731]} ) الأمر على ما يقول( {[76732]} ) أبو جهل في نهيه غياك يا محمد عن الصلاة وطاعة ربك ، لا تطعه فيما أمرك به واسجد لربك واقترب منه بالدعاء والعمل الصالح في السجود( {[76733]} ) .

وفي الحديث : " أقرب ما يكون العبد من ربه إذا كان ساجداً( {[76734]} ) ، ( فأكثروا من الدعاء في السجود( {[76735]} ) ، فقمن( {[76736]} ) أن يستجاب لكم( {[76737]} ) .

قال مجاهد : أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد )( {[76738]} ) ، ألم( {[76739]} ) تسمعوا إلى قوله : { واسجد واقترب }( {[76740]} ) .

ويجوز أن تكون( {[76741]} ) " كلاّ " بمعنى : " حقا " ، وبمعنى : " ألا " فيبتدأ( {[76742]} ) بها( {[76743]} ) ، وروى ابن وهب عن رجاله أن أبا جهل كان يقول : لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن على رقبته ، فأمر الله نبيه بالسجود ، فقال : { واسجد } وقال لأبي جهل : " واقترب " ، على طريق التهدد( {[76744]} ) ، أي : اقترب( {[76745]} ) من محمد إن كنت صادقا في قوله . فقيل لأبي جهل : هذا محمد يسجد ، فاقترب منه  ! فقال : ما أستطيعه( {[76746]} ) ، إن بيني وبينه كالفحل ، لو اقتربت منه لأهلكني .

هذه رواية ابن وهب ، وفيها زيادة تفسير لما( {[76747]} ) روي ، وفيها بعض اختصار .


[76731]:لم يستحسن مكي هذا القول في كتابه "شرح كلا... ص63 اعتمادا على أن النفي مشروط بالوقف. وهو لا يحسن هنا لأن فيه نفيا لما أخبر الله جل جلاله – من دعاء الزبانية يوم القيامة. وهو هاهنا ينفي شيئا سابقا ولكنه ليس أقرب مذكور قبل "كلا".
[76732]:أ: ليس الأمر كما يقول.
[76733]:انظر جامع البيان 30/257.
[76734]:أ: من ربه وهو ساجد.
[76735]:أ: والسجود.
[76736]:يقال: فمن وقمن وقمين: أي خليق وجدير، فمن فتح الميم لم يجمع ولم يؤنث، لأنه مصدر، ومن كسر ثنى وجمع، وأنث، لأنه وصف، كذلك القمين. النهاية لابن الأثير، المجلد الرابع، ص111.
[76737]:الحديث أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود (شرح النووي على مسلم 4/200) بلفظ "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثر والدعاء" وذكره القرطبي بالزيادة التي أوردها مكي وصححه، انظر تفسيره: 20/128.
[76738]:ساقط من أ.
[76739]:أ: لم.
[76740]:الدر 8/566.
[76741]:ث: يكون.
[76742]:ث: فيبتدا.
[76743]:استحسنه في كتابه "شرح كلا"... ص:63.
[76744]:ث: التهديد. وانظر رواية ابن وهب في المحرر 16/337. وحكاه ابن الجوزي بهذا المعنى عن أبي سليمان الدمشقي فيما يرويه عن بعض القدماء انظر زاد المسير 9/180.
[76745]:أ: أي واقترب.
[76746]:ث: مل استطعته.
[76747]:أ: فيما.