قوله تعالى : { ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف } قرأ ابن كثير ( فلا يخف ) مجزوماً على النهي جواباً لقوله تعالى ( ومن يعمل ) وقرأ الآخرون : فلا يخاف مرفوعاً على الخبر ، { ظلماً ولا هضماً } قال ابن عباس : لا يخاف أن يزاد على سيئاته ولا أن ينقص من حسناته . وقال الحسن : لا ينقص من ثواب حسناته ولا يحمل عليه ذنب مسيء . وقال الضحاك : لا يؤخذ بذنب لم يعمله ولا تبطل حسنة عملها ، وأصل الهضم : النقص والكسر ، ومنه هضم الطعام .
ثم بسر - سبحانه - المؤمنين بما يشرح صدورهم فقال : { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً } .
أى : ومن يعمل فى دنياه الأعمال الصالحات ، وهو مع ذلك مؤمن بكل ما يجب الإيمان به .
فإنه فى هذه الحالة { لاَ يَخَافُ ظُلْماً } ينزل به . ولا يخاف { هَضْماً } لشىء من حقوقه أو ثوابه .
يقال : هضم فلان حق غيره ، إذا انتقصه حقه ولم يوفه إياه .
قالوا : والفرق بين الظلم والهضم : أن الظلم قد يكون بمنع الحق كله ، أما الهضم فهو منع لبعض الحق . فكل هضم ظلم ، وليس كل ظلم هضما .
فالآية الكريمة قد بشرت المؤمنين ، بأن الله - تعالى - بفضله وكرمه سيوفيهم أجورهم يوم القيامة ، بدون أدنى ظلم أو نقص من ثوابهم ، فالتنكير فى قوله { ظُلْماً وَلاَ هَضْماً } للتقليل .
وقوله : { وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا } لما ذكر الظالمين ووعيدهم ، ثنى بالمتقين وحكمهم ، وهو أنهم لا يُظْلَمُون ولا يُهضَمون ، أي : لا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم{[19511]} . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، وغير واحد . فالظلم : الزيادة بأن يحمل عليه ذنب غيره ، والهضم : النقص .
قوله تعالى : { ومن يعمل من الصالحات } عادل لقوله { من حمل ظلماً } [ طه : 111 ] ، وفي قوله { من الصالحات } تيسير في الشرع لأنها { من } التي للتبعيض ، و «الظلم » أعم من «الهضم » وهما يتقاربان في المعنى ويتداخلان ، ولكن من حيث تناسقا في هذه الآية ذهب قوم إلى تخصيص كل واحد منهما بمعنى ، فقالوا «الظلم » أن تعظم عليه سيئاته وتكثر أكثر مما يجب ، و «الهضم » أن ينقض حسناته ويبخسها ، وكلهم قرأ { فلا يخاف ظلماً } على الخبر ، غير ابن كثير فإنه قرأ «فلا يخف » على النهي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.