الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَمَن يَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَا يَخَافُ ظُلۡمٗا وَلَا هَضۡمٗا} (112)

قوله تعالى : " ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن " لأن العمل لا يقبل من غير إيمان . و " من " في قوله " من الصالحات " للتبعيض ، أي شيئا من الصالحات . وقيل للجنس . " فلا يخاف " قرأ ابن كثير ومجاهد وابن محيصن " يخف " بالجزم جوابا لقوله : " ومن يعمل " . الباقون " يخاف " رفعا على الخبر ، أي فهو لا يخاف ، أو فإنه لا يخاف . " ظلما " أي نقصا لثواب طاعته ، ولا زيادة عليه في سيئاته . " ولا هضما " بالانتقاص من حقه . والهضم النقص والكسر ، يقال : هضمت ذلك من حقي أي حططته وتركته . وهذا يهضم الطعام أي ينقص ثقله . وامرأة هضيم الكشح ضامرة البطن . الماوردي : والفرق بين الظلم والهضم أن الظلم المنع من الحق كله ، والهضم المنع من بعضه ، والهضم ظلم وإن افترقا من وجه ، قال المتوكل الليثي :

إن الأذلةَ واللئام لَمَعْشَرٌ *** مولاهم المتهضِّم المظلومُ

قال الجوهري : ورجل هضيم ومهتضم أي مظلوم . وتهضمه أي ظلمه واهتضمه إذا ظلمه وكسر عليه حقه .