اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمَن يَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَا يَخَافُ ظُلۡمٗا وَلَا هَضۡمٗا} (112)

ثم قال : { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات ( وَهُوَ مُؤْمِنٌ } ) {[26951]} أي : ومَنْ يَعمل شيئاً{[26952]} مِنَ الصَّالِحَاتِ ، والمراد به الفرائض وكان عمله مقروناً بالإيمان ، نظيره قوله{[26953]} : { وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً{[26954]} قَدْ عَمِلَ الصالحات }{[26955]} . قوله : { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } جملة حالية .

" فَلاَ يَخَافُ " قرأ بن كثير ( بجزمه ){[26956]} على النهي{[26957]} ، والمعنى : أَمِنَ ، والنهي عن الخوف أمر بالأمن .

والباقون : برفعه{[26958]} على النفي والاستئناف ، أي : فهو لا يخاف{[26959]} .

والهضم : النقصُ{[26960]} تقول العرب : هَضَمَتْ لزيدٍ مِنْ حَقِّي أي : نقصتُ منه{[26961]} ، ومنه : هَضِيمُ الكَشْحَيْن أي : ضامُرُهما{[26962]} ، ومن ذلك أيضاً ، " طَلْعُهَا هَضِيمٌ " {[26963]} أي : دقيق متراكب كأنَّ{[26964]} بعضه يظلم بعضاً فينتقصه حقه .

ورَجلٌ هضيمٌ أي مظلوم{[26965]} .

وهضمته واهتضمته وتَهَّضمتُه عليه{[26966]} بمعنى ، قال المتوكل الليثي{[26967]} :

إنَّ الأذلَّةَ واللِّئَامَ لمِعْشَرٍ{[26968]} *** مَوْلاَهُم المُتَهَضَّم المَظْلُومُ{[26969]}

قيل{[26970]} : والظلم{[26971]} والهضم متقاربان{[26972]} وفرَّق القاضي الماوردي بينهما فقال : الظلم من جميع الحق ، والهضم منع بعضه{[26973]} . والظلمُ هنا هو أن يعاقب لا على جريمةٍ أو يمنع من{[26974]} الثواب على الطاعة . والهضم هو أن ينقص من ثوابه{[26975]} .

وقال أبو مسلم : الظلم أن ينقص من الثواب ، والهضم أن لا يوفي حقه{[26976]} .


[26951]:ما بين القوسين سقط من ب.
[26952]:في ب: منا. وهو تحريف.
[26953]:قوله: سقط من ب.
[26954]:مؤمنا: سقط من الأصل واستدرك بالهامش.
[26955]:[طه: 75].
[26956]:بجزمه: سقط من ب.
[26957]:وهو جواب الشرط "ومن يعمل من الصّالحات".
[26958]:السبعة (424)، الحجة لابن خالويه (247 – 248) والكشف 2/107، النشر 2/322، الإتحاف (307).
[26959]:في ب: لا يخاف ظلما ولا هضما.
[26960]:في اللسان (هضم): وهضمه حقه هضما: نقصه.
[26961]:انظر معاني القرآن للفراء 2/193.
[26962]:أي ضامر الجنبين كأنهما هضما. تفسير غريب القرآن 283.
[26963]:من قوله تعالى: {وزروع ونخل طلعها هضيم} [الشعراء: 148].
[26964]:في ب: كأنه.
[26965]:اللسان (هضم).
[26966]:عليه: سقط من ب.
[26967]:هو المتوكل بن عبد الله بن نهشل بن وهب . . . من شعراء الإسلام، وهو من أهل الكوفة، وكان في عصر معاوية ويزيد ومدحهما. الخزانة 8/565 – 569.
[26968]:في ب: والليالي والحشر.
[26969]:البيت من بحر الكامل قاله المتوكل الليثي، وهو في القرطبي 11/249، والبحر المحيط 6/271. الأذلة: جمع ذليل اللئام: جمع لئيم، وهو الدنيء الأصل الشنحيح النفس. المعشر: كل جماعة أمرهم واحد، وهو الجمع، لا واحد له من لفظه للرجال دون النساء. المتهضم: المظلوم، وهو الشاهد.
[26970]:قيل: سقط من ب.
[26971]:في ب: الظلم.
[26972]:انظر البحر المحيط 6/281. على أن الظلم أن يأخذ من صاحبه فوق حقه والهضم أن يكسر من حق أخيه فلا يوفيه.
[26973]:انظر البحر المحيط 6/281.
[26974]:في الأصل: عن.
[26975]:انظر الفخر الرازي 22/120.
[26976]:انظر الفخر الرازي 22/120.