معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ فِيٓ أُمِّ ٱلۡكِتَٰبِ لَدَيۡنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (4)

قوله تعالى : { وإنه } يعني القرآن ، { في أم الكتاب } في اللوح المحفوظ . قال قتادة : أم الكتاب : أصل الكتاب ، وأم كل شيء : أصله . قال ابن عباس : أول ما خلق الله القلم فأمره أن يكتب بما يريد أن يخلق ، فالكتاب عنده ، ثم قرأ ( وإنه في أم الكتاب ) { لدينا } ، فالقرآن مثبت عند الله في اللوح المحفوظ كما قال : { بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ } ( البروج-21 ) . { لعلي حكيم } ، قال قتادة : يخبر عن منزلته وشرفه ، أي : إن كذبتم بالقرآن يا أهل مكة فإنه عندنا لعلي رفيع شريف محكم من الباطل .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ فِيٓ أُمِّ ٱلۡكِتَٰبِ لَدَيۡنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (4)

{ وَإِنَّهُ } أي : هذا الكتاب { لَدَيْنَا } في الملأ الأعلى في أعلى الرتب وأفضلها { لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ } أي : لعلي في قدره وشرفه ومحله ، حكيم فيما يشتمل عليه من الأوامر والنواهي والأخبار ، فليس فيه حكم مخالف للحكمة والعدل والميزان .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ فِيٓ أُمِّ ٱلۡكِتَٰبِ لَدَيۡنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (4)

ثم بين - سبحانه - المنزلة السامية التى جعلها لهذا القرآن ، والصيانة التامة التى أحاطه بها فقال : { وَإِنَّهُ في أُمِّ الكتاب لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ } .

والمراد بأم الكتاب : اللوح المحفوظ ، وسمى بذلك لأن جميع الكتب السماوية منقولة عنه . كما قال - تعالى - : { بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ } .

وقيل : المراد بأم الكتاب : علمه الأزلى - عز وجل - .

أى : وإن هذا القرآن المبين لثابت ، وكائن فى اللوح المحفوظ ، وهو { لَدَيْنَا } أى : عندنا { لَعَلِيٌّ } أى : لرفيع الشأن ، عظيم القدر { حَكِيمٌ } أى : محكم النظم فى أعلى طبقات البلاغة . فلا يضيره تكذيب المكذبين ، ولا طعن الطاعنين .

فالآية الكريمة تدل دلالة واضحة على القيمة العظيمة التى جعلها - سبحانه - لهذا القرآن ، فى علمه - تعالى - وتقديره ، كما أن وصف هذا الكتاب بقوله { عَلِيٌّ حَكِيمٌ } يؤكد هذه المنزلة السامية ويقررها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ فِيٓ أُمِّ ٱلۡكِتَٰبِ لَدَيۡنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (4)

ثم يبين منزلة هذا القرآن عنده وقيمته في تقديره الأزلي الباقي :

( وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) . .

ولا ندخل في البحث عن المدلول الحرفي لأم الكتاب ما هي : أهي اللوح المحفوظ ، أم هي علم الله الأزلي . فهذا كهذا ليس له مدلول حرفي محدد في إدراكنا . ولكننا ندرك منه مفهوماً يساعد على تصورنا لحقيقة كلية . وحين نقرأ هذه الآية : ( وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) . . فإننا نستشعر القيمة الأصيلة الثابتة لهذا القرآن في علم الله وتقديره . وهذا حسبنا . فهذا القرآن( عليّ ) . . ( حكيم ) . . وهما صفتان تخلعان عليه ظل الحياة العاقلة . وإنه لكذلك ! وكأنما فيه روح . روح ذات سمات وخصائص ، تتجاوب مع الأرواح التي تلامسها . وهو في علوه وفي حكمته يشرف على البشرية ويهديها ويقودها وفق طبيعته وخصائصه . وينشئ في مداركها وفي حياتها تلك القيم والتصورات والحقائق التي تنطبق عليها هاتان الصفتان : علي . حكيم .

وتقرير هذه الحقيقة كفيل بأن يشعر القوم الذين جعل القرآن بلسانهم بقيمة الهبة الضخمة التي وهبها الله إياهم ، وقيمة النعمة التي أنعم الله عليهم ؛ ويكشف لهم عن مدى الإسراف القبيح في إعراضهم عنها واستخفافهم بها ، ومدى استحقاقهم هم للإهمال والإعراض ؛

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ فِيٓ أُمِّ ٱلۡكِتَٰبِ لَدَيۡنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (4)

وقوله تعالى : { وإنه } عطف على قوله : { إنا جعلناه } وهذا الإخبار الثاني واقع أيضاً تحت القسم . و : { أم الكتاب } اللوح المحفوظ ، وهذا فيه تشريف للقرآن وترفيع .

واختلف المتأولون كيف هو في { أم الكتاب } ، فقال عكرمة وقتادة والسدي وعطية بن سعيد : القرآن بأجمعه فيه منسوخ ، ومنه كان جبريل عليه السلام ينزل ، وهنالك هو علي حكيم . وقال جمهور الناس : إنما في اللوح المحفوظ ذكره ودرجته ومكانته من العلو والحكمة .

وقرأ جمهور الناس : «في أُم » بضم الهمزة ، وقرأها بكسر الهمزة يوسف والي العراق وعيسى بن عمر{[10179]} .


[10179]:هو عيسى بن عمر الأسدي الهمداني، أبو عمرو، الكوفي القارئ، مات سنة ست وخمسين، وليس المراد عيسى بن عمر النحوي، أو عيسى بن عمر التيمي.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ فِيٓ أُمِّ ٱلۡكِتَٰبِ لَدَيۡنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (4)

عطف على جملة { إنا جعلناه قرآناً عربياً } [ الزخرف : 3 ] ، فهو زيادة في الثناء على هذا الكتاب ثناء ثانياً للتنويه بشأنه رفعةً وإرشاداً .

و { أمّ الكتاب } : أصل الكتاب . : والمراد ب { أم الكتاب } علمُ الله تعالى كما في قوله : { وعنده أمُّ الكتاب } في سورة الرعد ( 39 ) ، لأن الأمّ بمعنى الأصل والكتاب هنا بمعنى المكتوب ، أي المحقق الموثق وهذا كناية عن الحق الذي لا يقبل التغيير لأنهم كانوا إذا أرادوا أن يحققوا عهداً على طول مدة كتبوه في صحيفة ، قال الحارث بن حلزة :

حَذر الجَور والتطاخي وهل يَن *** قُض ما في المَهارق الأهواء

و { عليٌّ } أصله المرتفع ، وهو هنا مستعار لشرف الصفة وهي استعارة شائعة .

وحكيم : أصله الذي الحكمة من صفات رأيه ، فهو هنا مجاز لما يحوي الحكمة بما فيه من صلاح أحوال النفوس والقوانين المقيّمة لنظام الأمة .

ومعنى كون ذلك في علم الله : أن الله عَلمه كذلك وما عَلِمه الله لا يقبل الشك . ومعناه : أن ما اشتمل عليه القرآن من المعاني هو من مراد الله وصدر عن علمه . ويجوز أيضاً أن يفيد هذا شهادة بعلوّ القرآن وحكمته على حد قولهم في اليمين : الله يعلم ، وعَلِم الله .

وتأكيد الكلام ب ( إنَّ ) لردّ إنكار المخاطبين إذ كذّبوا أن يكون القرآن موحًى به من الله .

و{ لدينا } ظرف مستقر هو حال من ضمير { إِنهُ } أو من { أم الكتاب } والمقصود : زيادة تحقيق الخبر وتشريف المخبر عنه . وقرأ الجمهور في { أم الكتاب } بضمّ همزة { أم } . وقرأه حمزة والكسائي بكسر همزة { إِم الكتاب } في الوصل اتباعاً لكسرة { في } ، فلو وقف على { في } لم يكسر الهمزة .