ثم قال تعالى : { وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم } وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ حمزة والكسائي { أم الكتاب } بكسر الألف والباقون بالضم .
المسألة الثانية : الضمير في قوله { وإنه } عائد إلى الكتاب الذي تقدم ذكره في { أم الكتاب لدينا } واختلفوا في المراد بأم الكتاب على قولين : ( فالقول الأول ) إنه اللوح المحفوظ لقوله { بل هو قرءان مجيد * في لوح محفوظ } .
واعلم أن على هذا التقدير فالصفات المذكورة هاهنا كلها صفات اللوح المحفوظ .
الصفة الأولى : أنه أم الكتاب والسبب فيه أن أصل كل شيء أمه والقرآن مثبت عند الله في اللوح المحفوظ ، ثم نقل إلى سماء الدنيا ، ثم أنزل حالا بحسب المصلحة ، عن ابن عباس رضي الله عنه : «إن أول ما خلق الله القلم ، فأمره أن يكتب ما يريد أن يخلق » فالكتاب عنده فإن قيل وما الحكمة في خلق هذا اللوح المحفوظ مع أنه تعالى علام الغيوب ويستحيل عليه السهو والنسيان ؟ قلنا إنه تعالى لما أثبت في ذلك أحكام حوادث المخلوقات ، ثم إن الملائكة يشاهدون أن جميع الحوادث إنما تحدث على موافقة ذلك المكتوب ، استدلوا بذلك على كمال حكمة الله وعلمه .
الصفة الثانية : من صفات اللوح المحفوظ قوله { لدينا } هكذا ذكره ابن عباس ، وإنما خصه الله تعالى بهذا التشريف لكونه كتابا جامعا لأحوال جميع المحدثات ، فكأنه الكتاب المشتمل على جميع ما يقع في ملك الله وملكوته ، فلا جرم حصل له هذا التشريف ، قال الواحدي ، ويحتمل أن يكون هذا صفة القرآن والتقدير إنه لدينا في أم الكتاب .
الصفة الثالثة : كونه «عليا » والمعنى كونه عاليا عن وجوه الفساد والبطلان وقيل المراد كونه عاليا على جميع الكتب بسبب كونه معجزا باقيا على وجه الدهر .
الصفة الرابعة : كونه «حكيما » أي محكما في أبواب البلاغة والفصاحة ، وقيل { حكيم } أي ذو حكمة بالغة ، وقيل إن هذه الصفات كلها صفات القرآن على ما ذكرناه ( والقول الثاني ) في تفسير أم الكتاب أنه الآيات المحكمة لقوله تعالى : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب } ومعناه أن سورة حم واقعة في الآيات المحكمة التي هي الأصل والأم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.