معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (15)

قوله :{ فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة } وذلك أن هوداً عليه السلام هددهم بالعذاب ، فقالوا : من أشد منا قوة ؟ نحن نقدر على دفع العذاب عنا بفضل قوتنا ، وكانوا ذوي أجسام طوال . { قال الله تعالى رداً عليهم : { أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون . }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (15)

{ 15 - 16 } { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ }

هذا تفصيل لقصة هاتين الأمتين ، عاد ، وثمود . { فَأَمَّا عَادٌ } فكانوا -مع كفرهم باللّه ، وجحدهم بآيات اللّه ، وكفرهم برسله- مستكبرين في الأرض ، قاهرين لمن حولهم من العباد ، ظالمين لهم ، قد أعجبتهم قوتهم . { وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } قال تعالى ردًا عليهم ، بما يعرفه كل أحد : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } فلولا خلقه إياهم ، لم يوجدوا فلو نظروا إلى هذه الحال نظرًا صحيحًا ، لم يغتروا بقوتهم ، فعاقبهم اللّه عقوبة ، تناسب قوتهم ، التي اغتروا بها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (15)

ثم فصل - سبحانه - بعد ذلك حال كل فريق منهم ، وبين ما نزل به من عذاب مهين فقال : { فَأَمَّا عَادٌ فاستكبروا فِي الأرض بِغَيْرِ الحق وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً . . . } .

أى : هذا هو قولهم على سبيل الإجمال لرسلهم ، وإليك جانبا من حال قوم عاد ، ومن أقوالهم الباطلة .

إنهم قد استكبروا فى الأرض بغير الحق . واغتروا بما بين أيديهم من نعم ، وقالوا على سبيل التباهى والتفاخر والتكبر : من أشد منا قوة .

وقيد استكبارهم فى الأرض بأنه بغير الحق . لبيان واقعهم ، حيث كانوا كما وصفهم الله - تعالى - فى آيات أخرى متجبرين متعالين على غيرهم ، ومن ذلك قوله - تعالى : { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ . وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ . وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ } الاستفهام فى قوله - تعالى - الذى حكاه عنهم { مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } للإنكار والنفى .

أى : لا أحد أقوى منا ، فنحن فى استطاعتنا أن ندفع كل عذاب ينزل بنا ، وهذا هو الشعور الكاذب الذى يشعر به الطغاة الجاهلون فى كل زمان ومكان .

وقد رد الله - تعالى - عليهم وعلى أمثالهم ردا منطقيا حكيما يخرس ألسنتهم فقال : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ الله الذي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } .

أى : اعموا وصموا عن الحق ، ولم يعلموا أن الله - تعالى - الذى أجدهم من العدم ، هو - سبحانه - أشد منهم قوة وبأسا .

إنهم لغرورهم وجهالاتهم نسوا كل ذلك ، وكانوا بآياتنا الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا يجحدون ، ويعاندون وينكرون الحق الذى جاءتهم به رسلهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (15)

وإلى هنا أجمل مصير عاد وثمود . وهو واحد . إذ انتهى هؤلاء وهؤلاء إلى الأخذ بالصاعقة . ثم فصل قصة كل منهما بعض التفصيل :

( فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق . وقالوا : من أشد منا قوة ? ) . .

إن الحق أن يخضع العباد لله ، وألا يستكبروا في الأرض ، وهم من هم بالقياس إلى عظمة خلق الله . فكل استكبار في الأرض فهو بغير الحق . استكبروا واغتروا ( وقالوا : من أشد منا قوة ? ) . .

وهو الشعور الكاذب الذي يحسه الطغاة . الشعور بأنه لم تعد هناك قوة تقف إلى قوتهم . وينسون :

أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة ? . .

إنها بديهة أولية . . إن الذي خلقهم من الأصل أشد منهم قوة . لأنه هو الذي مكن لهم في هذا القدر المحدود من القوة . ولكن الطغاة لا يذكرون :

وكانوا بآياتنا يجحدون . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (15)

قال الله تعالى : { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبرَوُا فِي الأرْضِ [ بِغَيْرِ الحَقِّ ] } {[25648]} أي : بغوا وعتوا وعصوا ، { وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } أي : منوا بشدة تركيبهم وقواهم ، واعتقدوا أنهم يمتنعون به من بأس الله ! { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } أي : أفما يتفكرون {[25649]} فيمن يبارزون بالعداوة ؟ فإنه العظيم الذي خلق الأشياء وركب فيها قواها الحاملة لها ، وإن بطشه شديد ، كما قال تعالى : { وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } [ الذاريات : 47 ] ، فبارزوا الجبار بالعداوة ، وجحدوا بآياته وعصوا رسوله ، فلهذا قال : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا }


[25648]:- (3) زيادة من ت، أ.
[25649]:- (4) في ت، س: "أفما يفكرون"، وفي أ: "فيما يتفكرون".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (15)

{ فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق } فتعظموا فيها على أهلها من غير استحقاق . { وقالوا من أشد منا قوة } اغترارا بقوتهم وشوكتهم . قيل كان من قوتهم أن الرجل منهم ينزع الصخرة فيقتلعها بيده . { أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة } قدرة فإنه قادر بالذات مقتدر على ما لا يتناهى ، قوي على ما لا يقدر عليه أحد غيره . { وكانوا بآياتنا يجحدون } يعرفون أنها حق وينكرونها وهو عطف على { فاستكبروا } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (15)

ثم وصف حالة القوم ، وأن عاداً طلبوا التكبر ووضعوا أنفسهم فيه بغير حق ، بل بالكفر والمعاصي وغوتهم قوتهم وعظم أبدانهم والنعم فقالوا على جهة التقرير : { من أشد منا قوة } فعرض الله تعالى موضع النظر بقوله : { أو لم يروا } الآية ، وهذا بين في العقل ، فإن للشيء المخترع له المذهب متى شاء هو أقوى منه ، وأخبر تعالى عنهم بجحودهم بآياته المنصوبة للنظر والمنزلة من عنده ، إذ لفظ الآيات يعم ذلك كله في المعنى .