تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (15)

الآية 15 وقوله تعالى : { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } جائز أن يكون استكبارهم في الأرض بغير الحق على أهل الأرض بما ذكروا من فضل القوة لهم وشدّتها من بين غيرهم كقوله تعالى : { وإذا بطشتم بطشتم جبّارين } [ الشعراء : 130 ] فهم ذكروا ذلك . فجائز أن يكون استكبارهم على أهل الأرض بغير الحق لشدة بطشهم وقوتهم على غيرهم .

ويشبه أن يكون استكبارهم [ على الرسل ]{[18467]} وأتباع الرسل ، فلم يروا أنفسهم أن يجعلوها تحت تدبير الرسل وأمرهم وأن يخضعوا لهم ، ويستسلموا لما دعوهم إليه { وقالوا من أشد منا قوة } .

ثم قال الله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } هذا استفهام على طريق التقرير ؛ معناه : قدّروا ، واعلموا أن الله الذي خلقكم{[18468]} هو أشد قوة . والرسل لم يكونوا يوعدونهم ، ويخوّفونهم بعذاب ينزل من عند الله ، وبقوته وسلطانه يوعدونهم ، وقد عرفوا قوته وسلطانه .

لذلك قال : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } .

وقوله تعالى : { وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } دل هذا على أنهم قد كذّبوا هودا ، وأنكروا آياته ، وكذلك قولهم : { يا هود ما جئتنا ببيّنة } [ هود : 53 ] وأنه قد أتاهم بآيات رسالته .


[18467]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.
[18468]:في الأصل وم: خلقهم.