فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (15)

ولما ذكر عاد وثمود إجمالا ذكر ما يختص بكل طائفة من الطائفتين تفصيلا فقال :{ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } أي بغير استحقاق ذلك الذي وقع منهم من التكبر والتجبر ، ثم ذكر سبحانه بعض ما صدر عنهم من الأقوال الدالة على الاستكبار فقال : { وَقَالُوا : مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } وكانوا ذوي أجسام طوال وخلق عظيم وقوة شديدة ، فاغتروا بأجسامهم حين تهددهم هو بالعذاب ، ومرادهم بهذا القول قادرون على دفع ما نزل بهم من العذاب ، وبلغ من قوتهم أن الرجل كان يقتلع الصخرة من الجبل بيده ، ويجعلها حيث يشاء ، فرد الله عليهم بقوله :

{ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } الاستفهام للاستنكار عليهم والتوبيخ ، أي أو لم يعلموا بأن الله أشد منهم قدرة وأوسع منهم قوة ؟ فهو قادر على أن ينزل بهم من أنواع عقابه ما شاء ، يقول كن فيكون ، وقال { خلقهم } ، ولم يقل خلق السماوات والأرض ، لأن هذا أبلغ في تكذيبهم في ادعاء انفرادهم بالقوة ، فإنهم حيث كانوا مخلوقين فبالضرورة أن خالقهم أشد قوة منهم .

{ وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا } أي بمعجزات الرسل التي خصهم الله بها وجعلها دليلا على نبوتهم ، أو بآياتنا التي أنزلناها على رسلنا أو بآياتنا التكوينية التي نصبناها لهم وجعلناها حجة عليهم ، أو بجميع ذلك { يَجْحَدُونَ }