فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (15)

لما ذكر سبحانه عادًا وثمود إجمالاً ذكر ما يختص بكل طائفة من الطائفتين تفصيلاً ، فقال : { فَأَمَّا عَادٌ فاستكبروا في الأرض بِغَيْرِ الحق } أي تكبروا عن الإيمان بالله ، وتصديق رسله ، واستعلوا على من في الأرض بغير الحق ، أي بغير استحقاق ذلك الذي وقع منهم من التكبر والتجبر . ثم ذكر سبحانه بعض ما صدر عنهم من الأقوال الدالة على الاستكبار ، فقال : { وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } ، وكانوا ذوي أجسام طوال ، وقوّة شديدة ، فاغترّوا بأجسامهم حين تهدّدهم هود بالعذاب ، ومرادهم بهذا القول : أنهم قادرون على دفع ما ينزل بهم من العذاب ، فردّ الله عليهم بقوله : { أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّ الله الذي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } ، والاستفهام للاستنكار عليهم ، وللتوبيخ لهم ، أي أو لم يعلموا بأن الله أشد منهم قدرة ، فهو قادر على أن ينزل بهم من أنواع عقابه ما شاء بقوله كن فيكون { وَكَانُواْ بئاياتنا يَجْحَدُونَ } أي بمعجزات الرسل التي خصهم الله بها ، وجعلها دليلاً على نبوّتهم ، أو بآياتنا التي أنزلناها على رسلنا ، أو بآياتنا التكوينية التي نصبناها لهم ، وجعلناها حجة عليهم ، أو بجميع ذلك .