معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ ٱهۡبِطَا مِنۡهَا جَمِيعَۢاۖ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ} (123)

قوله تعالى : { قال اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدىً فمن اتبع هداي } يعني : الكتاب والرسول ، { فلا يضل ولا يشقى } ، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : " من قرأ القرآن واتبع ما فيه هداه الله في الدنيا من الضلالة ، ووقاه الله يوم القيامة سوء الحساب ، وذلك بأن الله يقول : " فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى " . وقال الشعبي عن ابن عباس : أجار الله تعالى تابع القرآن من أن يضل في الدنيا ويشقى في الآخرة ، وقرأ هذه الآية .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ ٱهۡبِطَا مِنۡهَا جَمِيعَۢاۖ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ} (123)

{ 123 - 127 } { قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى }

يخبر تعالى ، أنه أمر آدم وإبليس أن يهبطا إلى الأرض ، وأن يتخذوا [ آدم وبنوه ]{[523]}  الشيطان عدوا لهم ، فيأخذوا الحذر منه ، ويعدوا له عدته ويحاربوه ، وأنه سينزل عليهم كتبا ، ويرسل إليهم رسلا يبينون لهم الطريق المستقيم الموصلة إليه وإلى جنته ، ويحذرونهم من هذا العدو المبين ، وأنهم أي : وقت جاءهم ذلك الهدى ، الذي هو الكتب والرسل ، فإن من اتبعه اتبع ما أمر به ، واجتنب ما نهي عنه ، فإنه لا يضل في الدنيا ولا في الآخرة ، ولا يشقى فيهما ، بل قد هدي إلى صراط مستقيم ، في الدنيا والآخرة ، وله السعادة والأمن في الآخرة .

وقد نفى عنه الخوف والحزن في آية أخرى ، بقوله : { فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } واتباع الهدى ، بتصديق الخبر ، وعدم معارضته بالشبه ، وامتثال الأمر بأن لا يعارضه بشهوة .


[523]:- زيادة من هامش ب.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ ٱهۡبِطَا مِنۡهَا جَمِيعَۢاۖ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ} (123)

ثم ختم - سبحانه - هذه الآيات ببيان ما آل إليه أمر آدم فقال - تعالى - { قَالَ اهبطا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ . . . } .

فالضمير فيها يعود إلى آدم وزوجته وذريتهما .

وقوله : { بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } أى : بعض ذريتكما لبعض عدو ، بسبب التخاصم والتنازع والتدافع على حطام هذه الدنيا .

{ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى } يا بنى آدم عن طريق إرسال الرسل وإنزال الكتب فعليكم أن تتبعوا رسلى ، وتعملوا بما اشتملت عليه كتبى .

{ فَمَنِ اتبع هُدَايَ } بأن آمن برسلى وصدق بكتبى .

{ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يشقى } لا فى الدنيا ولا فى الآخرة ، بسبب استمساكه بالعروة الوثقى التى لا انفصام لها .

وشبيه هذه الآية قوله - تعالى - : { قُلْنَا اهبطوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ ٱهۡبِطَا مِنۡهَا جَمِيعَۢاۖ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ} (123)

99

ثم صدر الأمر إلى الخصمين اللدودين أن يهبطا إلى أرض المعركة الطويلة بعد الجولة الأولى :

( قال : اهبطا منها جميعا ، بعضكم لبعض عدو ) . .

وبذلك أعلنت الخصومة في الثقلين . فلم يعد هناك عذر لآدم وبنيه من بعده أن يقول أحد منهم إنما أخذت على غرة ومن حيث لا أدري . فقد درى وعلم ؛ وأعلن هذا الأمر العلوي في الوجود كله : ( بعضكم لبعض عدو ) !

ومع هذا الإعلان الذي دوت به السماوات والأرضون ، وشهده الملائكة أجمعون . شاءت رحمة الله بعباده أن يرسل إليهم رسله بالهدى . قبل أن يأخذهم بما كسبت أيديهم . فأعلن لهم يوم أعلن الخصومة الكبرى بين آدم وإبليس ، أنه آتيهم بهدى منه ، فمجاز كلا منهم بعد ذلك حسبما ضل أو اهتدى :

( فإما يأتينكم مني هدى ، فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى . ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ، ونحشره يوم القيامة أعمى . قال : رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا ? قال : : كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى . وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ) . .

يجيء هذا المشهد بعد القصة كأنه جزء منها ، فقد أعلن عنه في ختامها في الملأ الأعلى . فذلك أمر إذن قضي فيه منذ بعيد ولا رجعة فيه ولا تعديل .

( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ) . . فهو في أمان من الضلال والشقاء باتباع هدى الله . وهما ينتظران خارج عتبات الجنة . ولكن الله يقى منهما من اتبع هداه . والشقاء ثمرة الضلال ولو كان صاحبه غارقا في المتاع . فهذا المتاع ذاته شقوة . شقوة في الدنيا وشقوة في الآخرة . وما من متاع حرام ، إلا وله غصة تعقبه وعقابيل تتبعه . وما يضل الإنسان عن هدى الله إلا ويتخبط في القلق والحيرة والتكفؤ والاندفاع من طرف إلى طرف لا يستقر ولا يتوازن في خطاه . والشقاء قرين التخبط ولو كان في المرتع الممرع ! ثم الشقوة الكبرى في دار البقاء . ومن اتبع هدى الله فهو في نجوة من الضلال والشقاء في الأرض ، وفي ذلك عوض عن الفردوس المفقود ، حتى يؤوب إليه في اليوم الموعود .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ ٱهۡبِطَا مِنۡهَا جَمِيعَۢاۖ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ} (123)

يقول تعالى لآدم وحواء وإبليس : اهبطوا منها جميعًا ، أي : من الجنة كلكم . وقد بسطنا ذلك في سورة البقرة " .

{ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } قال : آدم وذريته ، وإبليس وذريته .

وقوله : { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى } قال أبو العالية : الأنبياء والرسل والبيان .

{ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى } قال ابن عباس : لا يضل في الدنيا ، ولا يشقى في الآخرة .