فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قَالَ ٱهۡبِطَا مِنۡهَا جَمِيعَۢاۖ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ} (123)

{ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ( 123 ) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ( 124 ) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا( 125 ) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ( 126 ) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ( 127 ) } .

من قبل أهبط إبليس من السماء إذ تأبى السجود فأبعده الله جل ذكره : { قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين }{[2084]} ؛ فلما وسوس الشيطان لأبوينا وذاقا الشجرة التي نهيا عن الاقتراب من ذواقها ، حان ميقات إهباطهما من الجنة ، فأهبطهما ربنا سبحانه ، وحذرهما أو حذرنا في شخصيهما من مطاوعة إبليس وذريته ، { إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون ){[2085]} ؛ { أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو . . . ){[2086]} ؛ { إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ){[2087]} ؛ فالضمير في قوله تبارك اسمه : { بعضكم } يتوجه إلى أن يكون لآدم وذريته {[2088]} و إبليس وذريته ؛ { فإما يأتينكم مني هدى } فإذا بعثت رسلي ، وأرسلت كتبي ، وجاءكم من ربكم المنهاج { فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى } فالذي يستقيم ممن حملوا الأمانة ، ويتابع رسلي ، ويستمسك بشرائعي فلا يحار في العاجلة ولا يغيب عنه الرشد ، ولا يعوج عن الطريق المستقيم ، ولا يتعس في الآخرة ولا يهلك ؛ عن ابن عباس قال : تضمن الله لمن قرأ القرآن واتبع ما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ، ثم تلا هذه الآية : { فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى } .


[2084]:سورة الأعراف. من الآية 13.
[2085]:سورة الأعراف. من الآية 27.
[2086]:سورة الكهف. من الآية 50.
[2087]:سورة فاطر. الآية 6.
[2088]:احتار ابن جرير في تفسير قوله جل ثناؤه: {بعضكم لبعض عدو}: أنتما عدوا إبليس وذريته، و إبليس وذريته عدوكما وذريتكما.