فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ ٱهۡبِطَا مِنۡهَا جَمِيعَۢاۖ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشۡقَىٰ} (123)

قوله : { قَالَ اهبطا } قد مرّ تفسيره في البقرة ، أي انزلا من الجنة إلى الأرض ، خصهما الله سبحانه بالهبوط ؛ لأنهما أصل البشر ، ثم عمم الخطاب لهما ولذرّيتهما فقال : { بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } والجملة في محل نصب على الحال ، ويجوز أن يقال : خاطبهما في هذا وما بعده خطاب الجمع ؛ لأنهما منشأ الأولاد . ومعنى { بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } : تعاديهم في أمر المعاش ونحوه ، فيحدث بسبب ذلك القتال والخصام { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى } بإرسال الرسل وإنزال الكتب { فَمَنِ اتبع هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يشقى } أي لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة .

/خ127