معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي شَكّٖ مِّن دِينِي فَلَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِنۡ أَعۡبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّىٰكُمۡۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (104)

قوله تعالى : { قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني } ، الذي أدعوكم إليه . فإن قيل : كيف قال : إن كنتم في شك ، وهم كانوا يعتقدون بطلان ما جاء به ؟ . قيل : كان فيهم شاكون ، فهم المراد بالآية ، أو أنهم لما رأوا الآيات اضطربوا وشكوا في أمرهم وأمر النبي صلى الله عليه وسلم . قوله عز وجل : { فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله } ، من الأوثان ، { ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم } ، يميتكم ويقبض أرواحكم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي شَكّٖ مِّن دِينِي فَلَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِنۡ أَعۡبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّىٰكُمۡۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (104)

{ 104 - 106 } { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ }

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، سيد المرسلين ، وإمام المتقين وخير الموقنين : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي ْ } أي : في ريب واشتباه ، فإني لست في شك منه ، بل لدي العلم اليقيني أنه الحق ، وأن ما تدعون من دون الله باطل ، ولي على ذلك ، الأدلة الواضحة ، والبراهين الساطعة .

ولهذا قال : { فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ْ } من الأنداد ، والأصنام وغيرها ، لأنها لا تخلق ولا ترزق ، ولا تدبر شيئًا من الأمور ، وإنما هي مخلوقة مسخرة ، ليس فيها ما يقتضي عبادتها .

{ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ ْ } أي : هو الله الذي خلقكم ، وهو الذي يميتكم ، ثم يبعثكم ، ليجازيكم بأعمالكم ، فهو الذي يستحق أن يعبد ، ويصلى له ويخضع ويسجد . { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِين

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي شَكّٖ مِّن دِينِي فَلَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِنۡ أَعۡبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّىٰكُمۡۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (104)

بعد كل ذلك وجهت في ختامها نداءين إلى الناس أمرتهم فيهما بإخلاص العبادة لله - تعالى - وبالاعتماد عليه وحده ، وبتزكية نفوسهم . .

استمع إلى السورة الكريمة في ختامها وهي تقول :

{ قُلْ ياأيها الناس إِن كُنتُمْ . . . }

المعنى : { قُلْ } أيها الرسول الكريم ، لجميع من ارتاب في دينك .

{ ياأيها الناس إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي } الذي جئتكم به من عند الله - تعالى - ، وترغبون في تحويل عنه ، فاعلموا أنى برئ من شككم ومن أديانكم التي أنتم عليها .

وما دام الأمر كذلك ، فأنا " لا أعبد الذين تعبدون من دون الله " من آلهة باطلة في حال من الأحوال .

{ ولكن أَعْبُدُ الله } - تعالى - الذي خلقكم و { الذي يَتَوَفَّاكُمْ } عند انقضاء آجالكم ، ويعاقبكم على كفركم .

وقوله { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المؤمنين } تأكيد لإِخلاص عبادته - صلى الله عليه وسلم - لله وحده .

أى : وأمرت من قبل خالقي - عز وجل - بأن أكون من المؤمنين بأنه لا معبود بحق سواه .

وأوثر الخطاب باسم الجنس " الناس " مع تصديره بحرف التنبيه ، تعميما للخطاب ، وإظهارا لكمال العناية بشأن المبلغ إليهم .

وعبر عن شكهم " بإن " المفيدة ؛ لعدم اليقين ، مع أنهم قد شكوا فعلا في صحة هذا الدين بدليل عدم إيمانهم به ، تنزيلا للمحقق منزلة المشكوك فيه ، وتنزيها لساحة هذا الدين عن أن يتحقق الشك فيه من أى أحد ، وتوبيخا لهم على وضعهم الأمور في غير مواضعها .

وقدم - سبحانه - ترك عبادة الغير على عبادته - عز وجل - ، إيذانا بمخالفتهم من أول الأمر ، ولتقديم التخلية على التحلية .

وتخصيص التوفى بالذكر ، للتهديد والترهيب ، أى : ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم فيفعل بكم ما يفعل من العذاب الشديد ، ولأنه أشد الأحوال مهابة في القلوب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي شَكّٖ مِّن دِينِي فَلَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِينَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِنۡ أَعۡبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّىٰكُمۡۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (104)

هذه خاتمة السورة ، وخاتمة المطاف لتلك الجولات في شتى الآفاق ، تلك الجولات التي نحس أننا عائدون منها بعد سياحات طويلة في آفاق الكون ، وجوانب النفس ، وعوالم الفكر والشعور والتأملات . عائدون منها في مثل الإجهاد من طول التطواف ، وضخامة الجني ، وامتلاء الوطاب !

هذه خاتمة السورة التي تضمنت تلك الجولات حول العقيدة في مسائلها الرئيسية الكبيرة : توحيد الربوبية والقوامة والحاكمية ، ونفي الشركاء والشفعاء ، ورجعة الأمر كله إلى الله ، وسننه المقدرة التي لا يملك أحد تحوليها ولا تبديلها . والوحي وصدقه ، والحق الخالص الذي جاء به . والبعث واليوم الآخر والقسط في الجزاء . . .

هذه القواعد الرئيسية للعقيدة التي دار حولها سياق السورة كله ، وسيقت القصص لإيضاحها ، وضربت الأمثال لبيانها . .

ها هي ذي كلها تلخص في هذه الخاتمة ، ويكلف الرسول [ ص ] أن يعلنها للناس إعلاناً عاماً ، وأن يلقي إليهم بالكلمة الأخيرة الحاسمة : أنه ماض في خطته ، مستقيم على طريقته ، حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين .

( قل : يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ، ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم ، وأمرت أن أكون من المؤمنين ) . .

قل : يا أيها الناس جميعاً ، وإن كان الذين يتلقون الخطاب إذ ذاك هم مشركي قريش ، إن كنتم في شك من أن ديني الذي أدعوكم إليه هو الحق ، فإن هذا لا يحولني عن يقيني ، ولا يجعلني أعبد آلهتكم التي تعبدونها من دون الله . .

( ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم ) . .

أعبد الله الذي يملك آجالكم وأعماركم . وإبراز هذه الصفة لله هنا له قيمته وله دلالته ، فهو تذكير لهم بقهر الله فوقهم ، وانتهاء آجالهم إليه ، فهو أولى بالعبادة من تلك الآلهة التي لا تحيي ولا تميت . .

( وأمرت أن أكون من المؤمنين ) . .

فأنا عند الأمر لا أتعداه .