{ فألهمها فجورها وتقواها } قال ابن عباس في رواية علي بن أبي طلحة : بين لها الخير والشر . وقال في رواية عطية : علمها الطاعة والمعصية ، وروى الكلبي عن أبي صالح عنه : عرفها ما تأتي وما تتقي ، وقال سعيد بن جبير : ألزمها فجورها وتقواها . قال ابن زيد : جعل فيها ذلك ، يعني بتوفيقه إياها للتقوى ، وخذلانه إياها للفجور . واختار الزجاج هذا ، وحمل الإلهام على التوفيق والخذلان ، وهذا يبين أن الله عز وجل خلق في المؤمن التقوى وفي الكافر الفجور . أنبأنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنبأنا أحمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين ابن عبد الله ، حدثنا موسى بن محمد ، حدثنا علي بن عبد الله ، أنبأنا عبد الله بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، أنبأنا عروة بن ثابت الأنصاري ، حدثنا يحيى بن عقيل ، عن يحيى بن يعمر ، عن الأسود الديلي قال : " قال لي عمران بن حصين : أرأيت ما يعمل الناس ويكادحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر سبق ؟ أو فيما يستقبلون به مما آتاهم به نبيهم وأكدت عليهم الحجة ؟ قلت : بل شيء قد قضي عليهم ، قال : فهل يكون ذلك ظلماً ؟ قال : ففزعت منه فزعاً شديداً ، وقلت : إنه ليس شيء إلا وهو خلقه وملك يده لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، فقال لي : سددك الله ، إنما سألتك لأختبر عقلك إن رجلاً من جهينة أو مزينة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس ويكادحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر سبق ؟ أو فيما يستقبلون به مما أتاهم نبيهم وأكدت به عليهم الحجة ؟ فقال : لا بل شيء قد قضي عليهم ومضى فيهم ، قال قلت : ففيم العمل إذاً ؟ قال : من كان الله خلقه لإحدى المنزلتين يهيئه الله لها ، وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل : { ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها } " .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا زهير بن معاوية عن أبي الزبير ، عن جابر قال : " جاء سراقة بن مالك بن جعشم فقال : يا رسول الله بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن ، أرأيت عمرتنا هذه ألعامنا هذا أم للأبد ؟ قال : بل للأبد ، قال : يا رسول الله بين لنا ديننا كأننا خلقنا الآن فيم العمل اليوم ، فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير ؟ أو فيما نستقبل ؟ قال : لا بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير ، قال : ففيم العمل ؟ فقال زهير : فقال كلمة خفيت علي ، فسألت عنها نسي بعد فذكر أنه سمعها ، فقال : اعملوا فإن كلاً ميسر لما خلق له " .
وعلى كل ، فالنفس آية كبيرة من آياته التي حقيقة بالإقسام بها{[1437]} فإنها في غاية اللطف والخفة ، سريعة التنقل [ والحركة ] والتغير والتأثر والانفعالات النفسية ، من الهم ، والإرادة ، والقصد ، والحب ، والبغض ، وهي التي لولاها لكان البدن مجرد تمثال لا فائدة فيه ، وتسويتها على هذا الوجه{[1438]} آية من آيات الله العظيمة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.