قوله تعالى : { قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه } ، يوسف { من قبل } ، أي : كيف آمنكم عليه وقد فعلتم بيوسف ما فعلتم ؟ { فالله خير حافظاً } ، قرأ حمزة والكسائي وحفص : { حافظاً } بالألف على التفسير ، كما يقال هو خير رجلا ، وقرا الآخرون : { حفظاً } بغير ألف على المصدر ، يعني : خيركم حفظا ، يقول : حفظه خير من حفظكم . { وهو أرحم الراحمين * } .
القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَىَ أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ } .
يقول تعالى ذكره : قال أبوهم يعقوب : هل آمنكم على أخيكم من أبيكم الذي تسألوني أن أرسله معكم إلا كما أمنتكم على أخيه يوسف من قبل ؟ يقول : من قبله .
واختلفت القرّاء في قراءة قوله : فاللّهُ خَيْرٌ حافِظا فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة وبعض الكوفيين والبصريين : فاللّهُ خَيْرٌ حفْظا بمعنى : والله خيركم حفظا . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفيين وبعض أهل مكة : فاللّهُ خَيْرٌ حافِظا بالألف على توجيه الحافظ إلى أنه تفسير للخير ، كما يقال : هو خير رجلاً ، والمعنى : فالله خيركم حافظا ، ثم حذفت الكاف والميم .
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى قد قرأ بكلّ واحدة منهما أهل علم بالقرآن . فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وذلك أن من وصف الله بأنه خيرهم حفظا فقد وصفه بأنه خيرهم حافظا ، ومن وصفه بأنه خيرهم حافظا فقد وصفه بأنه خيرهم حفظا . وَهُوَ أرْحَمُ الرّاحِمِينَ يقول : والله أرحم راحم بخلقه ، يرحم ضَعْفِي على كبر سني ، ووحدتي بفقد ولدي ، فلا يضيعه ، ولكنه يحفظه حتى يردّه عليّ لرحمته .
جواب أبيهم كلام موجه يحتمل أن يكون معناه : { إني آمنكم عليه كما أمنتكم على أخيه } ، وأن يكون معناه ماذا أفاد ائتمانكم على أخيه من قَبْل حتى آمنكم عليه .
والاستفهام إنكاري فيه معنى النفي ، فهو يستفهم عن وجه التأكيد في قولهم : { وإنا له لحافظون } . والمقصود من الجملة على احتماليها هو التفريع الذي في قوله : { فالله خير حفظاً } [ سورة يوسف : 64 ] ، أي خير حفظاً منكم ، فإنْ حفظه الله سلم وإن لم يحفظه لم يسلم كما لم يسلم أخوه من قبل حين أمنتكم عليه .
وهم قد اقتنعوا بجوابه وعلموا منه أنه مُرسِل معهم أخاهم ، ولذلك لم يراجعوه في شأنه .
و{ حفظاً } مصدر منصوب على التمييز في قراءة الجمهور . وقرأه حمزة والكسائي ، وحفص { حافظاً } على أنه حال من اسم الجلالة وهي حال لازمة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.