البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قَالَ هَلۡ ءَامَنُكُمۡ عَلَيۡهِ إِلَّا كَمَآ أَمِنتُكُمۡ عَلَىٰٓ أَخِيهِ مِن قَبۡلُ فَٱللَّهُ خَيۡرٌ حَٰفِظٗاۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (64)

قال : هل آمنكم ، هذا توقيف وتقرير .

وتألم من فراقه بنيامين ، ولم يصرح بمنعه من حمله لما رأى في ذلك من المصلحة .

وشبه هذا الائتمان في ابنه هذا بائتمانه إياهم في حق يوسف .

قلتم فيه : وإنا له لحافظون ، كما قلتم في هذا ، فأخاف أن تكيدوا له كما كدتم لذلك ، لكن يعقوب لم يخف عليه كما خاف على يوسف ، واستسلم لله وقال : فالله خير حفظاً ، وقرأ الأخوان وحفص : حافظاً اسم فاعل ، وانتصب حفظاً وحافظاً على التمييز ، والمنسوب له الخير هو حفظ الله ، والحافظ الذي من جهة الله .

وأجاز الزمخشري أن يكون حافظاً حالاً ، وليس بجيد ، لأن فيه تقييد خير بهذه الحال .

وقرأ الأعمش : خير حافظ على الإضافة ، فالله تعالى متصف بالحفظ وزيادته على كل حافظ .

وقرأ أبو هريرة : خير الحافظين ، كذا نقل الزمخشري .

وقال ابن عطية : وقرأ ابن مسعود ، فالله خير حافظاً وهو خير الحافظين .

وينبغي أن تجعل هذه الجملة تفسيراً لقوله : فالله خير حافظاً ، لا أنها قرآن .

وهو أرحم الراحمين اعتراف بأن الله هو ذو الرحمة الواسعة ، فأرجو منه حفظه ، وأن لا يجمع على مصيبته ومصيبة أخيه .