فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ هَلۡ ءَامَنُكُمۡ عَلَيۡهِ إِلَّا كَمَآ أَمِنتُكُمۡ عَلَىٰٓ أَخِيهِ مِن قَبۡلُ فَٱللَّهُ خَيۡرٌ حَٰفِظٗاۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (64)

{ قال يعقوب } لما قالوا له هذه المقالة { هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل } مستأنفة كما تقدم نظائر ذلك في مواضع كثيرة والمعنى أنه لا يأمنهم على بنيامين إلا كما أمنهم على أخيه يوسف عليه السلام وقد قالوا له في يوسف عليه السلام وإنا له لحافظون كما قالوا هنا ثم خانوه في يوسف عليه السلام فهو إن آمنهم في بنيامين خاف أن يخونوه كما خانوه في يوسف عليه السلام .

{ فالله خير حافظا } منصوب على الحالية وقرئ حفظا على التمييز ولعل هنا إضمارا والتقدير فتوكل يعقوب على الله ودفعه إليهم وقال فالله خير حافظا والمعنى أن حفظ الله إياه خير من حفظهم له وإنما أرسله معهم لأنه لم يشاهد فيما بينهم وبين بنيامين من الحقد والحسد مثل ما شاهد بينهم وبين يوسف عليه السلام أو أن شدة القحط وضيق الوقت أحوجه إلى ذلك .

{ وهو أرحم الراحمين } فأرجو أن ينعم علي بحفظه ولا يجمع علي مصيبتين قيل لما وكل يعقوب حفظه إلى الله سبحانه حفظه وأرجعه إليه ولما قال في يوسف عليه السلام { وأخاف أن يأكله الذئب } وقع له من الامتحان ما وقع قال كعب : لما قال ذلك قال الله تعالى وعزتي وجلالي لأردن عليك كليهما .