فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ هَلۡ ءَامَنُكُمۡ عَلَيۡهِ إِلَّا كَمَآ أَمِنتُكُمۡ عَلَىٰٓ أَخِيهِ مِن قَبۡلُ فَٱللَّهُ خَيۡرٌ حَٰفِظٗاۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (64)

وجملة : { قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ على أَخِيهِ مِن قَبْلُ } مستأنفة جواب سؤال مقدّر كما تقدّم في نظائر ذلك في مواضع كثيرة ، والمعنى : أنه لا يأمنهم على بنيامين إلاّ كما أمنهم على أخيه يوسف ، وقد قالوا له في يوسف : { وَإِنَّا لَهُ لحافظون } كما قالوا هنا : { وَإِنَّا لَهُ لحافظون } ثم خانوه في يوسف فهو إن أمنهم في بنيامين خاف أن يخونوه فيه كما خانوه في يوسف { فالله خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرحمين } لعل هنا إضمار والتقدير فتوكل يعقوب على الله ودفعه إليهم ، وقال : { فالله خير حفظاً } . قرأ أهل المدينة ( حفظاً ) وهو منتصب على التمييز . وهي قراءة أبي عمرو ، وعاصم ، وابن عامر ، وقرأ سائر الكوفيين : { حافظاً } وهو منتصب على الحال . وقال الزجاج : على البيان يعني : التمييز ، ومعنى الآية : أن حفظ الله إياه خير من حفظهم له ، لما وكل يعقوب حفظه إلى الله سبحانه حفظه وأرجعه إليه ، ولما قال في يوسف : { وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذئب } وقع له من الامتحان ما وقع .

/خ66