وقوله : " فَلاَ يَصُدّنّكَ عَنْها " يقول تعالى ذكره : فلا يردّنك يا موسى عن التأهّب للساعة ، من لا يؤمن بها ، يعني : من لا يقرّ بقيام الساعة ، ولا يصدّق بالبعث بعد الممات ، ولا يرجو ثوابا ، ولا يخاف عقابا . وقوله : " وَاتّبَعَ هَوَاهُ " يقول : اتبع هوى نفسه ، وخالف أمر الله ونهيه فَترْدَى يقول : فتهلك إن أنت أنصددت عن التأهّب للساعة ، وعن الإيمان بها ، وبأن الله باعث الخلق لقيامها من قبورهم بعد فنائهم بصدّ من كفر بها . وكان بعضهم يزعم أن الهاء والألف من قوله فَلا يَصُدّنّك عَنْها كناية عن ذكر الإيمان ، قال : وإنما قيل عنها وهي كناية عن الإيمان كما قيل " إنّ رَبّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ " يذهب إلى الفعلة ، ولم يجر للإيمان ذكر في هذا الموضع ، فيجعل ذلك من ذكره ، وإنما جرى ذكر الساعة ، فهو بأن يكون من ذكرها أولى .
{ فلا يصدنك عنها } عن تصديق الساعة ، أو عن الصلاة . { من لا يؤمن بها } نهى الكافر أن يصد موسى عليه الصلاة والسلام عنها ، والمراد نهيه أن ينصد عنها كقولهم : لا أرينك ها هنا ، تنبيها على أن فطرته السليمة لو خليت بحالها لاختارها ولم يعرض عنها ، وأنه ينبغي أن يكون راسخا في دينه فإن صد الكافر إنما يكون بسبب ضعفه فيه . { واتبع هواه } ميل نفسه إلى اللذات المحسوسة المخدجة فقصر نظره عن غيرها . { فتردى } فتهلك بالانصداد بصده .
والضمير في قوله { عنها } عائد على ‹الساعة› ، يريد الإيمان بالساعة فأوقع الضمير عليها ، ويحتمل أن يعود على { الصلاة } [ طه : 14 ] وقالت فرقة المراد عن لا إله إلا الله ع : وهذا متجه ، والأولان أبين وجهاً . وقوله { فتردى } معناه تهلك والردى الهلاك ومنه قوله دريد بن الصمة : [ الطويل ]
تنادوا فقالوا أردت الخيل فارساً . . . فقلت أعبد الله ذلكمُ الردي ؟{[8093]}
وهذا الخطاب كله لموسى عليه السلام وكذلك ما بعده ، وقال النقاش : الخطاب ب { فلا يصدنك } لمحمد عليه السلام وهذا بعيد ، وفي مصحف عبد الله بن مسعود «أكاد أخفيها من نفسي » وعلى هذه القراءة تركب ذلك القول المتقدم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.