ومعنى الفاء في { فلا يصدّنك } أنه إذا صح عندك أني أخبرتك بإتيان الساعة فلا تلتفت إلى قول المخالف الذي يصدك عن التصديق بالساعة ، لأن قوله ناشىء عن الهوى واتباعه . وجوّز أبو مسلم أن يكون الضمير في { عنها } للصلاة . والعرب تذكر شيئين لم ترمي بضميرهما إلى السامع اعتماداً على أنه يرد كلاً منهما إلى ما هو له ، وزيف بأن هذا إنما يصار إليه عند الضرورة ولا ضرورة هنا . وأما الخطاب فالظاهر أنه لموسى لأن الكلام أجمع معه . وجوّز بعضهم أن يكون لنبينا عليه السلام والمقصود الأمة ، والنهي عن الصد في الظاهر لمن لا يؤمن بالساعة وهو بالحقيقة نهي لموسى عن التكذيب . والوجه فيه أن صد الكافر عن التصديق سبب للتكذيب فذكر السبب ليدل على المسبب ، أو صدّ الكافر مسبب عن رخاوة الرجل في الدين ولين شكيمته فذكر المسبب ليدل على السبب كأنه قيل : كن في الدنيا صلباً حتى لا يطمع في إغوائك الكافر . والذي دعا إلى هذا النهي البالغ في معناه هو أن في المبطلين والجاحدين كثرة وهي مزلة قدم فعلى المرء أن يكون مع المحقين وإن قلوا لا مع غيرهم وإن كثروا . وفيه حث بليغ على العمل بالدليل وزجر قويّ عن التقليد وإنذار بأن الردى والهلاك مع اتباع الهوى . وههنا استدل الأصوليون على شرف علمهم ووجوب تعلمه كيلا يتمكن الخصم من تشكيكه . وزعم القاضي أن في نسبة الصد إلى الكافر بالبعث دليلاً على أن القبائح إنما تصدر عن العباد . وعورض بالعلم والداعي كما مر مراراً . قال أهل التحقيق : قوله أوّلاً لموسى { اخلع نعليك } إشارة إلى التخلية وتطهير لوح الضمير عن الأغيار وما بعده إشارات إلى التحلية وتحصيل ما ينبغي تحصيلة . وأصول ذلك ترجع إلى علم المبدأ وهو قوله { إني أنا الله } وإلى علم الوسط وهو قوله { فاعبدني } وإنه مشتمل على الأعمال الجسمانية . وقوله { لذكري } وهو مشتمل الأعمال الروحانية وإلى علم المعاد وذلك قوله { إن الساعة آتية } . وأيضاً إنه افتتح الخطاب بقوله { وأنا اخترتك } وهو غاية اللطف ، وختم الكلام بقوله { فلا يصدّنك } إلى آخره وهو قهر تنبيهاً على أن رحمته سبقت غضبه ، وأن العبد لا بد أن يكون سلوكه على قدمي الرجاء والخوف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.