معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَدَانِيَةً عَلَيۡهِمۡ ظِلَٰلُهَا وَذُلِّلَتۡ قُطُوفُهَا تَذۡلِيلٗا} (14)

{ ودانيةً عليهم ظلالها } أي قريبة منهم ظلال أشجارها ، ونصب { دانيةً } بالعطف على قوله : { متكئين } وقيل : على موضع قوله : { لا يرون فيها شمساً ولا زمهريرا } ويرون { دانيةً } ، وقيل : على المدح ، { وذللت } سخرت وقربت ، { قطوفها } ثمارها ، { تذليلاً } يأكلون من ثمارها قياماً وقعوداً ومضطجعين ويتناولونها كيف شاؤوا على أي حال كانوا .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَدَانِيَةً عَلَيۡهِمۡ ظِلَٰلُهَا وَذُلِّلَتۡ قُطُوفُهَا تَذۡلِيلٗا} (14)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مّن فِضّةٍ وَأَكْوابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ } .

يعني تعالى ذكره بقوله : وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وقَرُبت منهم ظلال أشجارها .

ولنصب دانية أوجه : أحدها : العطف به على قوله مُتّكِئيِن فِيها . والثاني : العطف به على موضع قوله لا يَرَوْنَ فِيها شَمْسا لأن موضعه نصب ، وذلك أن معناه : متكئين فيها الأرائك ، غير رائين فيها شمسا . والثالث : نصبه على المدح ، كأنه قيل : متكئين فيها على الأرائك ، ودانية بعد عليهم ظلالها ، كما يقال : عند فلان جارية جميلة ، وشابة بعد طرية ، تضمر مع هذه الواو فعلاً ناصبا للشابة ، إذا أريد به المدح ، ولم يُرَد به النّسَق وأُنّثَتْ دانيةً لأن الظلال جمع . وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله بالتذكير : «وَدَانِيا عَلَيْهِمْ ظِلالُها » وإنما ذكر لأنه فعل متقدّم ، وهي في قراءة فيما بلغني : «وَدَانٍ » رفع على الاستئناف .

وقوله : وَذُلّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً يقول : وذُلّل لهم اجتناء ثمر شجرها ، كيف شاؤوا قعودا وقياما ومتكئين . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَذُلّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً قال : إذا قام ارتفعت بقدره ، وإن قعد تدلّت حتى ينالها ، وإن اضطجع تدلّت حتى ينالها ، فذلك تذليلها .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذلّلَتْ قْطُوفُها تَذْلِيلاً قال : لا يردّ أيديَهم عنها بُعد ولا شوك .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : قُطُوفُها دَانِيَةٌ قال : الدانية : التي قد دنت عليهم ثمارها .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان وَذُلّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً قال : يتناوله كيف شاء جالسا ومتكئا .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَدَانِيَةً عَلَيۡهِمۡ ظِلَٰلُهَا وَذُلِّلَتۡ قُطُوفُهَا تَذۡلِيلٗا} (14)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ودانية عليهم ظلالها} يعني ظلال الشجر، وذلك أن أهل الجنة يأكلون من الفواكه إن شاءوا نياما، وإن شاءوا قعودا، وإن شاءوا قياما، إذا أرادوا دنت منهم حتى يأخذوا منها، ثم تقوم قياما، فذلك قوله: {وذللت قطوفها تذليلا} يعني أغصانها تذليلا.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وذُلّل لهم اجتناء ثمر شجرها، كيف شاءوا قعودا وقياما ومتكئين.

عن قتادة، قوله:"وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذلّلَتْ قْطُوفُها تَذْلِيلاً "قال: لا يردّ أيديَهم عنها بُعد ولا شوك.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ودانية عليهم ظلالها} فجائز أن يراد أنها دانية من هؤلاء الذين سبق نعتهم، وهم الأبرار، كقوله عز وجل: {إن رحمت الله قريب من المحسنين} [الأعراف: 56]. وذكر أن ظلالها دانية لأنها لو لم تكن دانية لكان لا يقع لهم بها انتفاع. وقيل: هي ظلال غصون الأشجار قريب منهم لأن للجنة نورا يتلألأ، فيقع بالأشجار فيها ظلال كما يشتهونه في الدنيا، ليس على ذلك شمس ولا قمر.

{وذللت قطوفها تذليلا} فجائز أن يكون أريد بالتذليل التليين، أي لينت، فلا يرد أيديهم عنها شوك. وقيل: إن أشجارها ليست بطوال، لا تنال ثمارها إلا بعد عناء وكد، بل قريبة من أربابها.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(ودانية عليهم ظلالها. وذللت قطوفها تذليلا).. وإذا دنت الظلال ودنت القطوف فهي الراحة والاسترواح على أمتع ما يمتد إليه الخيال! فهذه هي الهيئة العامة لهذه الجنة التي جزى الله بها عباده الأبرار الذين رسم لهم تلك الصورة المرهفة اللطيفة الوضيئة في الدنيا.. ثم تأتي تفصيلات المناعم والخدمات.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

ودنو الظلال: قربها منهم وإذ لم يعهد وصف الظل بالقرب يظهر أن دنوّ الظلال كناية عن تدلّي الأدواح التي من شأنها أن تظلل الجنات في معتاد الدنيا ولكن الجنة لا شمس فيها فيستظلَّ من حرّها، فتعين أن تركيب {دانيةً عليهم ظلالُها} مثَل يطلق على تدلِّي أفنان الجنة لأن الظل المظلل للشخص لا يتفاوت بدنوّ ولا بعد.

والمعنى: أن أدواح الجنة قريبة من مجالسهم وذلك مما يزيدها بهجة وحسناً وهو في معنى قوله تعالى: {قُطُوفها دانية} [الحاقة: 23]. ولذلك عطف عليه جملة {وذُلّلت قطوفها تذليلاً}. أي سخرت لهم قطوف تلك الأدواح وسهلت لهم بحيث لا التواء فيها ولا صلابة تتعب قاطفها ولا يتمطَّون إليها بل يجتنونها بأسهلِ تناول.

فاستعير التذليل للتيسير كما يقال: فرس ذَلول: أي مِطواع لراكبه، وبقرة ذَلول، أي ممرنة على العمل.

والقُطوف: جمع قِطف بكسر القاف وسكون الطاء، وهو العنقود من التمر أو العنب... وضمير {قطوفها} عائد إلى {جنة} أو إلى {ظلالها} باعتبار الظلال كناية عن الأشجار.

و {تذليلاً} مصدر مؤكّد لذلك، أي تذليلاً شديداً منتهياً.