تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَدَانِيَةً عَلَيۡهِمۡ ظِلَٰلُهَا وَذُلِّلَتۡ قُطُوفُهَا تَذۡلِيلٗا} (14)

الآية 14 : وقوله تعالى : { ودانية عليهم ظلالها } فجائز أن يراد أنها دانية من هؤلاء الذين سبق نعتهم ، وهم الأبرار كقوله عز وجل : { إن رحمت الله قريب من المحسنين }[ الأعراف : 56 ] .

وذكر أن ظلالها دانية لأنها لو لم تكن دانية لكان لا يقع لهم بها انتفاع . وقيل : هي ظلال غصون الأشجار قريب منهم لأن للجنة نورا يتلألأ ، فيقع بالأشجار فيها ظلال كما يشتهونه في الدنيا ، ليس على ذلك شمس ولا قمر .

وقوله تعالى : { وذللت قطوفها تذليلا } فجائز أن يكون أريد بالتذليل التليين ، أي لينت ، فلا يرد أيديهم عنها شوك . وقيل : إن أشجارها ليست بطوال ، لا تنال ثمارها إلا بعد عناء وكد ، بل قريبة من أربابها ؛ يقال : حائط ذليل إذا لم يكن عاليا في السماء ، وقيل : ذللت أي سويت الأشجار لا أن يتفاوت بعضها[ عن بعض ]{[22879]} ؛ يقول أهل المدينة إذا استوت عذوق النخلة ، وقيل : ذللت النخلة ، وقيل : ذللت أي سخرت ، والتذليل التسخير ، فيتناولون منها كيف شاءوا ؛ إن شاءوا تناولوها ، وهم قيام ، وإن شاءوا تناولوها ، وهم جلوس أو نيام على الفرش .

وجائز أن يكون تسخيرها على ما ذكر عن بعض المتقدمين أن شجرة الجنة : عروقها من فوق ، وفروعها من أسفل ، والثمار بين ذلك .


[22879]:في الأصل و م: بعضا.