البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَدَانِيَةً عَلَيۡهِمۡ ظِلَٰلُهَا وَذُلِّلَتۡ قُطُوفُهَا تَذۡلِيلٗا} (14)

وقرأ الجمهور : { ودانية } ، قال الزجاج : هو حال عطفاً على { متكئين } .

وقال أيضاً : ويجوز أن يكون صفة للجنة ، فالمعنى : وجزاهم جنة دانية .

وقال الزمخشري : ما معناه أنها حال معطوفة على حال وهي لا يرون ، أي غير رائين ، ودخلت الواو للدلالة على أن الأمرين مجتمعان لهم ، كأنه قيل : وجزاهم جنة جامعين فيها بين البعد عن الحر والقر ودنوّ الظلال عليهم .

وقرأ أبو حيوة : ودانية بالرفع ، واستدل به الأخفش على جواز رفع اسم الفاعل من غير أن يعتمد ، نحو قولك : قائم الزيدون ، ولا حجة فيه لأن الأظهر أن يكون { ظلالها } مبتدأ { ودانية } خبر له .

وقرأ الأعمش : ودانياً عليهم ، وهو كقوله : { خاشعةً أبصارهم } وقرأ أبيّ : ودان مرفوع ، فهذا يمكن أن يستدل به الأخفش .

{ وذللت قطوفها } ، قال قتادة ومجاهد وسفيان : إن كان الإنسان قائماً ، تناول الثمر دون كلفة ؛ وإن قاعداً أو مضطعجاً فكذلك ، فهذا تذليلها ، لا يرد اليد عنها بعد ولا شوك .

فأما على قراءة الجمهور : { ودانية } بالنصب ، كان { وذللت } معطوفاً على دانية لأنها في تقدير المفرد ، أي ومذللة ، وعلى قراءة الرفع كان من عطف جملة فعلية على جملة اسمية .

ويجوز أن تكون في موضع الحال ، أي وقد ذللت رفعت دانية أو نصبت .