معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ مَدَدۡنَٰهَا وَأَلۡقَيۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيۡءٖ مَّوۡزُونٖ} (19)

قوله تعالى : { والأرض مددناها } ، بسطناها على وجه الماء ، يقال : إنها مسيرة خمسمائة سنة في مثلها دحيت من تحت الكعبة ، { وألقينا فيها رواسي } ، جبالا ثوابت ، وقد كانت الأرض تميد إلى أن أرساها الله بالجبال ، { وأنبتنا فيها } ، أي : في الأرض ، { من كل شيء موزون } ، مقدر معلوم . وقيل : يعني في الجبال ، وهي جواهر من الذهب والفضة والحديد والنحاس وغيرها ، حتى الزرنيخ والكحل كل ذلك يوزن وزنا . وقال ابن زيد : هي الأشياء التي توزن وزناً .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ مَدَدۡنَٰهَا وَأَلۡقَيۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيۡءٖ مَّوۡزُونٖ} (19)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَالأرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ شَيْءٍ مّوْزُونٍ } .

يعني تعالى ذكره بقوله : والأرْضَ مَدَدْناها والأرض دحوناها فبسطناها ، وألْقَيْنا فِيها رَوَاسِيَ يقول : وألقينا في ظهورها رواسيَ ، يعني جبالاً ثابتة كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : والأرْضَ مَدَدْناها ، وقال في آية أخرى : والأرْضَ بَعْدَ ذلكَ دَحاها وذُكر لنا أن أمّ القرى مكة ، منها دُحيت الأرض .

قوله : وألقينا فِيها رَوَاسيَ رواسيها : جبالها . وقد بيّنا معنى الرسوّ فيما مضى بشواهده المغنية عن إعادته . وقوله : وأنْبَتْنَا فِيها مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ يقول : وأنبتنا في الأرض من كلّ شيء يقول : من كلّ شيء مقدّر ، وبحدّ معلوم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وأنْبَتْنَا فِيها مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ يقول : معلوم .

حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثنا أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وأنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ يقول : معلوم .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، أو عن أبي مالك ، في قوله : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : بقدر .

حدثنا المثنى ، قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيم ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح أو عن أبي مالك ، مثله .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحماني ، قال : حدثنا شريك ، عن خصيف ، عن عكرمة : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : بقدْر .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عليّ ، يعني ابن الجعد ، قال : أخبرنا شريك ، عن خصيف ، عن عكرمة : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : بقدْر .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن خصيف ، عن عكرمة ، قال : بقدْر .

حدثنا أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن حصين ، عن سعيد بن جبير : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : معلوم .

حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا عبد الله بن يونس ، قال : سمعت الحكم بن عتيبة وسأله أبو مخزوم عن قوله : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : من كلّ شيء مقدور .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا عبد الله بن يونس ، قال : سمعت الحكم ، وسأله أبو عروة عن قول الله عزّ وجلّ : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : من كلّ شيء مقدور . هكذا قال الحسن : وسأله أبو عروة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء وحدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل وحدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : مقدور بقدْر .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : مقدور بقدْر .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عليّ بن الهيثم ، قال : حدثنا يحيى بن زكريا ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قال : مقدور بقدْر .

حدثنا المثنى ، قال : حدثنا عليّ بن الهيثم ، قال : حدثنا يحيى بن زكريا ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : بقدْر .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وأنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ يقول : معلوم .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ يقول : معلوم .

وكان بعضهم يقول : معنى ذلك وأنبتنا في الجبال من كلّ شيء موزون يعني من الذهب والفضة والنحاس والرصاص ونحو ذلك من الأشياء التي توزن . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وأنْبَتْنا فِيهامِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : الأشياء التي توزن .

وأولى القولين عندنا بالصواب القول الأوّل لإجماع الحجة من أهل التأويل عليه .