قوله : { والأرض مَدَدْنَاهَا } " الأرْضَ " : نصبٌ على الاشتغال ، ولم يقرأ بغيره ؛ لأنه أرجع من حيث العطف على جملة فعلية قبلها ، وهي قوله : { وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السماء بُرُوجاً } .
وقال أبو حيَّان{[19476]} : " ولما كانت هذه الجملة بعدها جملة فعلية ، كان النَّصب أرجح من الرفع " .
قال شهاب الدين{[19477]} : لَمْ يعدُّوا هذا من القرائن المرجحة للنصب ، إنما عدو عطفها على جملة فعلية قبلها ، لا عطف جملة فعلية عليها ، ولكنه القياس ، إذ يعطف فيه فعلية على مثلها ، بخلاف ما لو رفعت ، إذ تعطف فعلية على اسمية ، لكنهم لم يعتبروا ذلك .
والضمير في " فِيهَا " : للأرض . وقيل : للرَّواسي . وقيل : لهما .
لما شرح الدلائل السماوية في تقرير التَّوحيد ، أتبعها بذكر الدلائل الأرضية وهي أنواع :
الأول : قوله : { والأرض مَدَدْنَاهَا } قال ابن عباسٍ : بسطناها على وجه الماءِ ، وبسطت من تحته الكعبة{[19478]} .
النوع الثاني : قوله : { وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ } وهي الجبال الثوابت واحدها راسٍ ، والجمع راسية وجمع الجمع رواسي ، قال ابن عباسٍ : لما بسط الله الأرض على الماء ، مالت بأهلها كالسفينة ؛ فأرساها الله بالجبال ؛ لكيلا تميل بأهلها{[19479]} .
النوع الثالث : قوله تعالى : { وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ } ، يجوز فِي " مِنْ " أن تكون تبعيضية ، وهو الصحيح ، وأن تكون مزيدة عند الكوفيين ، والأخفش ، والضمير في قوله : " فِيهَا " يحتمل أن يكون راجعاً إلى الأرض ، وأن يكون راجعاً إلى الجبال الرواسي ، إلاَّ أنَّ رجوعها إلى الأرض أولى ؛ لأن أنواع النبات المنتفع بها ، إنما تتولَّد في الأرض ، وأما الجبلية ، فقليلة النفع .
وقيل : رجوع الضمير إلى الجبال أولى ؛ لأنَّ المعادن من الذهب ، والفضة ، والحديد ، والنحاس ، وغيرها ؛ إنَّما تتولد في الجبال ، والأشياء الموزونة في العرف والمعادة ، هي المعادن لا النبات .
قيل : المقَّدر بقدر الحاجة ، أي : أنَّ الله –تعالى- يثبت ذلك المقدر بقدر ما يحتاج إليه الناس ؛ لقوله : { وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } [ الرعد : 8 ] وقوله تعالى : { وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } [ الحجر : 21 ] .
وقيل : المناسب المطابق للحكمة كقولهم : كلامٌ موزونٌ ، أي : متناسب بعيد عن اللغو ، والمعنى : موزونٌ بميزان الحكمة ، والعقل .
وقيل : موزونٌ ؛ بمعنى أنَّ الذي تنبته الأرض نوعان : المعادنُ ، والنباتُ ، أما المعادن : فهي بأسرها موزونة ، وأما النبات : فيرجع عاقبته إلى الوزنِ ، كالمخترف ، والفواكة في الأكثر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.