فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلۡأَرۡضَ مَدَدۡنَٰهَا وَأَلۡقَيۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيۡءٖ مَّوۡزُونٖ} (19)

{ والأرض مددناها } أي : بسطناها وفرشناها ، كما في قوله : { والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دحاها } [ النازعات : 30 ] ، وفي قوله : { والأرض فرشناها فَنِعْمَ الماهدون } [ الذاريات : 48 ] وفيه ردّ على من زعم أنها كالكرة . { وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رواسي } أي : جبال ثابتة ، لئلا تحرك بأهلها ، وقد تقدم بيان ذلك في سورة الرعد . { وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ شَيء مَّوْزُونٍ } أي : أنبتنا في الأرض من كل شيء مقدّر معلوم ، فعبر عن ذلك بالوزن ؛ لأنه مقدار تعرف به الأشياء ، ومنه قول الشاعر :

قد كنت قبل لقائكم ذا مرّة *** عندي لكل مخاصم ميزانه

وقيل : معنى { موزون } مقسوم . وقيل : معدود ، والمقصود من الإثبات الإنشاء والإيجاد ؛ وقيل : الضمير راجع إلى الجبال أي : أنبتنا في الجبال من كل شيء موزون من الذهب والفضة والنحاس والرصاص ونحو ذلك ؛ وقيل : موزون بميزان الحكمة ، ومقدّر بقدر الحاجة . وقيل : الموزون : هو المحكوم بحسنه ، كما يقال : كلام موزون ، أي : حسن .

/خ25