قوله تعالى : { يا زكريا إنا نبشرك } ، وفيه اختصار ، معناه : فاستجاب الله دعاءه ، فقال : يا زكريا إنا نبشرك ، { بغلام } ، بولد ذكر ، { اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سمياً } ، قال قتادة و الكلبي : لم يسم أحد قبله يحيى . وقال سعيد بن جبير وعطاء : لم نجعل له شبهاً ومثلاً ، كما قال الله تعالى : { هل تعلم له سمياً } ، أي مثلاً . والمعنى : أنه لم يكن له مثل ، لأنه لم يعص ولم يهم بمعصية قط . وقيل : لم يكن له مثل في أمر النساء ، لأنه كان سيداً وحصوراً . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما : أي لم تلد العواقر مثله ولداً . وقيل : لم يرد الله به اجتماع الفضائل كلها ليحيى ، إنما أراد بعضها ، لأن الخليل والكليم كانا قبله ، وهما أفضل منه .
ثم بين القرآن الكريم أن الله - تعالى - قد أجاب بفضله وكرمه دعاء عبده زكريا . كما بين ما قاله زكريا عندما بشره ربه بغلام اسمه يحيى فقال - تعالى - : { يازكريآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ . . . . } .
قال القرطبى : قوله - تعالى - { يازكريآ } فى الكلام حذف ، أى : فاستجاب الله دعاءه فقال : { يازكريآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسمه يحيى } فتضمنت هذه البشارة ثلاثة أشياء : أحدها : إجابة دعائه وهى كرامة . الثانى : إعطاؤه الولد وهو قوة . الثالث : أن يفرد بتسميته . . . " .
وقد بين - سبحانه - فى آيات أخرى أن الذى بشر زكريا هو بعض الملائكة ، وأن ذلك كان وهو قائم يصلى فى المحراب ، قال - تعالى - : { فَنَادَتْهُ الملائكة وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المحراب أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بيحيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ الله وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصالحين } وقوله - سبحانه - : { اسمه يحيى } يدل على أن هذه التسمية قد سماها الله - تعالى - ليحيى ، ولم يكل تسميته لزكريا أو لغيره ، وهذا لون من التشريف والتكريم .
وقوله - تعالى - : { لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً } أى لم نجعل أحداً من قبل مشاركاً له فى هذا الاسم ، بل هو أول من تسمى بهذا الاسم الجميل .
قال بعض العلماء : " وقول من قال : إن معناه : لم نجعل له من قبل سميا ، أى : نظيرا يساويه فى السمو والرفعة غير صواب ، لأنه ليس بأفضل من إبراهيم ونوح وموسى فالقول الأول هو الصواب ، وممن قال به : ابن عباس ، وقتادة ، والسدى ، وابن أسلم وغيرهم . . . " .
المعنى قيل له بإثر دعائه { يا زكريا إنا نبشرك بغلام } يولد لك { اسمه يحيى } وقرأ الجمهور «بَشِّرك » بفتح الباء وكسر الشين مشددة ، وقرأ أصحاب ابن مسعود «نبْشُرك » بسكون الباء وضم الشين ، قال قتادة : سمي { يحيى } لأن الله أحياه بالنبوءة والإيمان ، وقال بعضهم سمي بذلك لأن الله أحيا له الناس بالهدى . وقوله { سمياً } معناه في اللغة لم نجعل له مشاركاً في هذا الاسم ، أي لم يتسم قبل ب { يحيى } وهذا قول قتادة وابن عباس وابن أسلم والسدي ، وقال مجاهد وغيره { سمياً } معناه مثلاً ونظيراً وهذا كأنه من المساماة والسمو ، وفي هذا بعد لأنه لا يفضل على إبراهيم وموسى اللهم إلا أن يفضل في خاص بالسؤود والحصر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.