معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ إِنِّي لَآ أَمۡلِكُ إِلَّا نَفۡسِي وَأَخِيۖ فَٱفۡرُقۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (25)

قوله تعالى : { قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي } . قيل : معناه وأخي لا يملك إلا نفسه ، وقيل : معناه لا يعطيني إلا نفسي وأخي .

قوله تعالى : { فافرق } ، فافصل .

قوله تعالى : { بيننا } ، قيل : فاقض بيننا .

قوله تعالى : { وبين القوم الفاسقين } ، العاصين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ إِنِّي لَآ أَمۡلِكُ إِلَّا نَفۡسِي وَأَخِيۖ فَٱفۡرُقۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (25)

بعد أن رأى من قومه ما رأى من عناد وجبن ، لجأ إلى ربه يشكو إليه منهم ، يلتمس منه أن يفرق بينه وبينهم ، فقال : { رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فافرق بَيْنَنَا وَبَيْنَ القوم الفاسقين } .

أي : قال موسى باثا شكواه وحزنه إلى الله ، ومعتذرا إليه من فسوق قومه وسفاهتهم وجبنهم : رب إنك تعلم أني لا أملك لنصرة دينك أمر أحد ألزمه بطاعتك سوى أمر نفسي ، وأمر أخي هارون ، ولا ثقة لي في غيرنا أن يطيعك في العسر واليسر والمنشط والمكره .

ولم يذكر الرجلين اللذين قالا لقومهما فيما سبق { ادخلوا عَلَيْهِمُ الباب } لعدم ثقته الكاملة في دخولهما معه أرض الجبارين ، وفي وقوفهما بجانبه عند القتال إذا تخلى بقية القوم عنه فإن بعض الناس كثيرا ما يقدم على القتال مع الجيش الكبير ، ولكنه قد يحجم إذا رأى أن عدد المجاهدين قليل .

ومن هنا لم يذكر أنه يملك أمر هذين الرجلين كما يملك أمر نفسه وامر أخيه .

وصرح موسى - عليه السلام - بأنه يملك أمر أخيه هارون كما يملك أمر نفسه ، لمؤازرته التامة له في كفاحه ظلم فرعون ، ولوقوفه إلى جانبه بعزيمة صادقة في كل موطن من مواطن الشدة وليقينه بأنه مؤيد بروح من الله - تعالى .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : أما كان معه الرجلان المذكوران ؟ قلت كأنه لم يثق بهما كل الوثوق ، ولم يطمئن إلى ثباتهما لما ذاق على طول الزمان واتصال الصحية من أحوال قومه ، وتلونهم وقسوة قلوبهم فلم يذكر إلا النبي المعصوم الذي لا شبهة في أمره . ويجوز أن يكون قال ذلك لفرط ضجره عندما سمع منهم تقليلا لمن يوافقه . ويجوز أن يريد ومن يؤاخيني على ديني .

هذا وقد ذكر النحويون وجوها من الإِعراب لقوله ( وأخي ) منها : أنه منصوب عطفا على قوله : ( نفسي ) أي : ولا أملك إلا أخي مع ملكي نفسي دون غيرهما .

وقوله - تعالى - : { فافرق بَيْنَنَا وَبَيْنَ القوم الفاسقين } بيان لما يرجوه موسى من ربه - عز وجل - بعد أن خرج بنو إسرائيل عن طاعته .

والفاء هنا لترتيب الفرق والدعاء به على ما قبله . والفرق معناه الفصل بين شيئين .

والمعنى : قال موسى مخاطباً ربه : لقد علمت يا إلهي أني لا أملك لنصرة دينك إلا أمر نفسي وأمر أخي ، أما قومي فقد خرجوا عن طاعتي وفسقوا عن أمرك وما دام هذا شأنهم فافصل بيننا وبينهم بقضائك العادل ، بأن تحكم لنا بما نستحق ، وتحكم عليهم بما يستحقون فإنك أنت الحكم العدل بين العباد .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ إِنِّي لَآ أَمۡلِكُ إِلَّا نَفۡسِي وَأَخِيۖ فَٱفۡرُقۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (25)

{ قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي } قاله شكوى بثه وحزنه إلى الله سبحانه وتعالى لما خالفه قومه وأيس منهم ، ولم يبق معه موافق يثق به غير هارون عليه السلام والرجلان المذكوران وإن كانا يوافقانه لم يثق عليهما لما كابد من تلون قومه ، ويجوز أن يراد بأخي من يواخيني في الدين فيدخلان فيه ، ويحتمل نصبه عطفا على نفسي ، أو على اسم إن ورفعه عطفا على الضمير في { لا أملك } ، أو على محل إن واسمها ، وجره عند الكوفيين عطفا على الضمير في نفسي . { فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين } بأن تحكم لنا بما نستحقه وتحكم عليهم بما يستحقونه ، أو بالتبعيد بيننا وبينهم وتخليصنا من صحبتهم .