مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قَالَ رَبِّ إِنِّي لَآ أَمۡلِكُ إِلَّا نَفۡسِي وَأَخِيۖ فَٱفۡرُقۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (25)

فلما عصوه وخالفوه { قَالَ رَبّ إِنّى لا أَمْلِكُ } لنصرة دينك { إِلاَّ نَفْسِى وَأَخِى } وهو منصوب بالعطف على «نفسي » أو على اسم «إن » أي إني لا أملك إلا نفسي وإن أخي لا يملك إلا نفسه ، أو مرفوع بالعطف على محل «إن » واسمها ، أو على الضمير في «لا أملك » وجاز للفصل أي ولا يملك أخي إلا نفسه ، أو هو مبتدأ والخبر محذوف أي وأخي كذلك ، وهذا من البث والشكوى إلى الله ورقة القلب التي بمثلها تستجلب الرحمة وتستنزل النصرة وكأنه لم يثق بالرجلين المذكورين كل الوثوق فلم يذكر إلا النبي المعصوم ، أو أراد ومن يؤاخيني على ديني { فافرق بَيْنَنَا وَبَيْنَ القوم الفاسقين } فافصل بيننا وبينهم بأن تحكم لنا بما وعدتنا وتحكم عليهم بما هم أهله وهو في معنى الدعاء عليهم ، أو فباعد بيننا وبينهم وخلصنا من صحبتهم كقوله :

{ وَنَجّنِى مِنَ القوم الظالمين } [ التحريم : 11 ] .