الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{قَالَ رَبِّ إِنِّي لَآ أَمۡلِكُ إِلَّا نَفۡسِي وَأَخِيۖ فَٱفۡرُقۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (25)

{ قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ } أي فأفصل واقضِ .

وقرأ عبيد بن عمير : فافرق بخفض الرّاء { بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } العاصين . وكانت عجلة عجلها موسى وظهر الغمام على باب قبة الزمر موضع مناجاته وأوحى اللّه تعالى إلى موسى : إلى متى يعصيني هذا الشعب وإلى متى لا يصدّقون بالآيات لأهلكنّهم جميعاً ولاجعلنّ لك شعباً أشد وأكثر منهم ، فقال موسى ( عليه السلام ) : إلهي لو إنّك قتلت هذا الشعب كلّهم كرجل واحد لقالت الأمم الذين سمعوا : إنمّا قتل هذا الشعب لإنه لم يستطع أن يدخلهم الأرض المقدسة فقتلهم في البرية ، وإنّك طويل صبرك كثير نعمك وإنّك تغفر الذنوب وتحفظ الآباء على الأبناء وأبناء الأبناء ، فاغفر لهم توبتهم ، فقال اللّه لموسى : قد غفرت لهم بكلمتك ولكن بعد ما سميّتهم فاسقين ودعوت عليهم لأحرّمن عليهم دخول الأرض المقدسّة غير عبديّ يوشع وكالب ولأتيِّهنَّهم في هذه البرية أربعين سنة فكان كل يوم من الأيام الذي يحتسبوا فيها سنة وليلقين حتفهم في هذه القفار وأما بنوهم الذين لم يعلموا الخير والشر فإنهم يدخلون الأرض المقدسة فذلك قوله تعالى { قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ }