لما عصوه وتمرّدوا عليه وخالفوه وقالوا ما قالوا من كلمة الكفر ولم يبق معه مطيع موافق يثق له إلا هارون { قَالَ رَبّ إِنّى لا أَمْلِكُ } لنصرة دينك { إِلاَّ نَفْسِى وَأَخِى } وهذا من البث والحزن والشكوى إلى الله والحسرة ورقة القلب التي بمثلها تستجلب الرحمة وتستنزل النصرة ونحوه قول يعقوب عليه السلام { إِنَّمَا أَشْكُو بَثّى وحزني إِلَى الله } [ يوسف : 86 ] . وعن عليّ رضي الله عنه أنه كان يدعو الناس على منبر الكوفة إلى قتال البغاة ، فما أجابه إلا رجلان فتنفس الصعداء . ودعا لهما وقال : أين تقعان مما أريد ؟ وذكر في إعراب ( أخي ) وجوه : أن يكون منصوباً عطفاً على نفسي أو على الضمير في ( إني ) بمعنى : ولا أملك إلا نفسي وإن أخي لا يملك إلا نفسه . ومرفوعا عطفاً على محل إن واسمها . كأنه قيل : أنا لا أملك إلا نفسي ، وهارون كذلك لا يملك إلا نفسه أو على الضمير في لا أملك . وجاز للفصل . مجروراً عطفاً على الضمير في نفسي ، وهو ضعيف لقبح العطف على ضمير المجرور إلا بتكرير الجار .
فإن قلت : أما كان معه الرجلان المذكوران ؟ قلت : كأنه لم يثق بهما كل الوثوق ولم يطمئن إلى ثباتهما ، لما ذاق على طول الزمان واتصال الصحبة من أحوال قومه وتلونهم وقسوة قلوبهم ، فلم يذكر إلا النبي المعصوم الذي لا شبهة في أمره ، ويجوز أن يقول ذلك لفرط ضجره عندما سمع منهم تقليلاً لمن يوافقه . ويجوز أن يريد : ومن يؤاخيني على ديني { فافرق } فافصل { بَيْنِنَا } وبينهم بأن تحكم لنا بما نستحق ، وتحكم عليهم بما يستحقون ، وهو في معنى الدعاء عليهم . ولذلك وصل به قوله : { فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ } على وجه التسبيب ، أو فباعد بيننا وبينهم وخلصنا من صحبتهم كقوله : { وَنَجّنِى مِنَ القوم الظالمين } [ القصص : 21 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.