معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ} (89)

قوله تعالى : { يوم لا ينفع مال ولا بنون*إلا من أتى الله بقلب سليم } أي : خالص من الشرك والشك ، فأما الذنوب فليس يسلم منها أحد ، هذا قول أكثر المفسرين . قال سعيد بن المسيب : القلب السليم هو الصحيح ، وهو قلب المؤمن لأن قلب الكافر والمنافق مريض . قال الله تعالى : { في قلوبهم مرض } قال أبو عثمان النيسابوري : هو القلب الخالي من البدعة المطمئن على السنة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ} (89)

{ إِلاَّ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } أى : واسترنى - يا إلهى - ولا تفضحنى يوم القيامة ، يوم لا ينتفع الناس بشىء من أموالهم ولا من أولادهم ، ولكنهم ينتفعون بإخلاص قلوبهم لعبادتك . بسلامتها من كل شرك أو نفاق ، وبصيانتها من الشهوات المرذولة . والأفعال القبيحة .

وهكذا نرى فى قصة إبراهيم : الشجاعة فى النطق بكلمة الحق ، حيث جابه قومه وأباه ببطلان عبادتهم للأصنام .

ونرى الحجة الدامغة التى جعلت قومه لا يجدون عذرا يعتذرون به عن عبادة الأصنام سوى قولهم : { وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } .

ونرى الثناء الحسن الجميل منه على ربه - عز وجل - : { الذي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ والذي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } .

ونرى الدعاء الخاشع الخالص الذى يتضرع به إلى خالقه - عز وجل - ، لكى يرزقه العلم والعمل ، وبأن يحشره مع الصالحين ، وأن يجعل له أثرا طيبا بعد وفاته بين الأمم الأخرى ، وبأن يجعله من الوارثين لجنة النعيم ، وبأن يستره بستره الجميل يوم القيامة ، يوم لا ينفع الناس شىء سوى إخلاص قلوبهم وعملهم الصالح ، وهى دعوات يرى المتأمل فيها شدة خوف إبراهيم - وهو الحليم الأواه المنيب - من أهوال يوم الحساب . نسأل الله - تعالى - بفضله وكرمه ، أن جنبنا إياها ، وأن يسترنا بستره الجميل .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ} (89)

أي : سالم من الدنس والشرك .

قال محمد بن سيرين : القلب السليم أن يعلم أن الله حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث مَنْ في القبور .

وقال ابن عباس : { إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } حَيِي{[21781]} يشهد أن لا إله إلا الله .

وقال مجاهد ، والحسن ، وغيرهما : { بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } يعني : من الشرك .

وقال سعيد بن المسيب : القلب السليم : هو القلب الصحيح ، وهو قلب المؤمن ؛ لأن قلب [ الكافر و ]{[21782]} المنافق مريض ، قال الله : { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } [ البقرة : 10 ] .

وقال أبو عثمان النيسابوري : هو القلب الخالي من البدعة ، المطمئن إلى السنة .


[21781]:- في ف ، أ : "يعني".
[21782]:- زيادة من ف ، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ} (89)

و قوله : وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يقول : ولا تُذِلّني بعقابك إياي يوم تبعث عبادك من قبورهم لموقف القيامة يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ يقول : لا تخزني يوم لا ينفع من كفر بك وعصاك في الدنيا مالٌ كان له في الدنيا ، ولا بنوه الذين كانوا له فيها ، فيدفع ذلك عنه عقاب الله إذا عاقبه ، ولا ينجيه منه . وقوله : إلاّ مَنْ أَتى اللّهَ بِقَلْب سَلِيمٍ يقول : ولا تخزني يوم يبعثون ، يوم لا ينفع إلا القلب السليم .

والذي عني به من سلامة القلب في هذا الموضع : هو سلام القلب من الشكّ في توحيد الله ، والبعث بعد الممات . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن عون ، قال : قلت لمحمد : ما القلب السليم ؟ قال : أن يعلم أن الله حقّ ، وأن الساعة قائمة ، وأن الله يبعث من في القبور .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد إلاّ مَنْ أَتى اللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال : لا شكّ فيه .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، قوله إلاّ مَنْ أَتى اللّهَ بِقَلْب سَلِيمٍ قال : ليس فيه شكّ في الحقّ .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال : سليم من الشرك .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد إلاّ مَنْ أَتى اللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال : سليم من الشرك ، فأما الذنوب فليس يسلم منها أحد .

حدثني عمرو بن عبد الحميد الاَمُلي ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن جُوَبير ، عن الضحاك ، في قول الله إلاّ مَنْ أَتى اللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال : هو الخالص .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ} (89)

{ يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم } أي لا ينفعان أحدا إلا مخلصا سليم القلب عن الكفر وميل المعاصي وسائر آفاته ، أو لا ينفعان إلا مال من هذا شأنه وبنوه حيث أنفق ماله في سبيل البر ، وأرشد بنيه إلى الحق وحثهم على الخير وقصد بهم أن يكونوا عباد الله مطيعين شفعاء له يوم القيامة . وقيل الاستثناء مما دل عليه المال والبنون أي لا ينفع غنى إلا غناه . وقيل منقطع والمعنى لكن سلامة { من أتى الله بقلب سليم } تنفعه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ} (89)

وقوله { بقلب سليم } معناه خالص من الشرك والمعاصي ، وعلق الدنيا المتروكة وإن كانت مباحة كالمال والبنين ، قال سفيان هو الذي يلقى ربه وليس في قلبه شيء غيره .

قال القاضي أبو محمد : وهذا يقتضي عموم اللفظة ، ولكن السليم من الشرك هو الأهم ، وقال الجنيد : بقلب لديغ من خشية الله والسليم اللديغ .