السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ} (89)

وفي استثناء قوله : { إلا من } أوجه : أحدها : أنه منقطع وجرى عليه الجلال المحلي أي : لكن من { أتى الله بقلب سليم } فإنه ينفعه ذلك ، الثاني : أنه مفعول به لقوله تعالى : لا ينفع أي : لا ينفع المال والبنون إلا هذا الشخص فإنه ينفعه ماله المصروف في وجوه البرّ وبنوه الصلحاء لأنه علمهم وأحسن إليهم ، الثالث : أنه بدل من المفعول المحذوف ومستثنى منه إذ التقدير لا ينفع مال ولا بنون أحداً من الناس إلا من كانت هذه صفته .

واختلف في القلب السليم على أوجه : قال الرازي أصحها : أنّ المراد منه سلامة النفس عن الجهل والأخلاق الرذيلة ، الثاني : أنه الخالص من الشرك والنفاق وهو قلب المؤمن وجرى على هذا الجلال المحلي وأكثر المفسرين ، فإنّ الذنوب قل أن يسلم منها أحد ، وهذا معنى قول سعيد بن المسيب . السليم : هو الصحيح وهو قلب المؤمن فإن قلب الكافر والمنافق مريض ، قال تعالى : { في قلوبهم مرض } ( البقرة : 10 ) الثالث : أنه الذي سلم وسلّم وأسلم وسالم واستسلم ، الرابع : أنه هو اللديغ أي : القلق المنزعج من خشية الله ، لكن قال الزمخشريّ : أنّ القولين الأخيرين من بدع التفاسير .