معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

قوله عز وجل { وإذ قال لقمان لابنه } واسمه أنعم ، ويقال : مشكم ، { وهو يعظه : يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم } قرأ ابن كثير : يا بني لا تشرك بالله بإسكان الياء ، وفتحها حفص ، والباقون بالكسر ، { يا بني إنها } بفتح الياء حفص ، والباقون بالكسر ، { يا بني أقم الصلاة } بفتح الياء البزي عن ابن كثير وحفص ، وبإسكانها القواس ، والباقون بكسرها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

ثم حكى - سبحانه - ما قاله لقمان لابنه على سبيل النصيحة والإِرشاد فقال - تعالى - { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يابني لاَ تُشْرِكْ بالله إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } .

وقوله { يَعِظُهُ } من الوعظ ، وهو الزجر المقترن بالتخويف . وقيل : هو التذكير بوجوه الخير بأسلوب يرق له القلب .

قالوا : واسم ابنه " ثاران " أو " مانان " أى : واذكر - أيها العاقل - لتعتبر وتنتفع ، وقت أن قال لقمان لابنه وهو يعظه ، ويرشده إلى وجوه الخير بألطف عبارة ، يا نبى { لاَ تُشْرِكْ بالله } - تعالى - لا فى عبادتك ولا فى قولك ، ولا فى عملك ، بل أخلص كل ذلك لخالقكم - عز وجل - .

وفى ندائه بلفظ { يابني } إشفاق عليه . ومحبة له ، فالمراد بالتصغير إظهار الحنو عليه ، والحرص على منفعته .

قيل : وكان ابنه كافرا فما زال يعظه حتى أسلم . وقيل : بل كان مسلما ، والنهى عن الشرك المقصود به ، المدوامة على ما هو عليه من إيمان وطاعة لله رب العالمين .

وجملة { إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } تعليل للنهى . أى : يا بنى حذار أن تشرك بالله فى قولك أو فعلك ، إن الشرك بالله - تعالى - لظلم عظيم ، لأنه وضع للأمور فى غير موضعها الصحيح ، وتسوية فى العبادة بين الخالق والمخلوق .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

ثم تجيء قضية التوحيد في صورة موعظة من لقمان الحكيم لابنه :

( وإذ قال لقمان لابنه - وهو يعظه - : يا بني لا تشرك بالله . إن الشرك لظلم عظيم ) . .

وإنها لعظة غير متهمة ؛ فما يريد الوالد لولده إلا الخير ؛ وما يكون الوالد لولده إلا ناصحا . وهذا لقمان الحكيم ينهى ابنه عن الشرك ؛ ويعلل هذا النهي بأن الشرك ظلم عظيم . ويؤكد هذه الحقيقة مرتين . مرة بتقديم النهي وفصل علته . و مرة بإن واللام . . وهذه هي الحقيقة التي يعرضها محمد [ صلى الله عليه وسلم ] على قومه ، فيجادلونه فيها ؛ ويشكون في غرضه من وراء عرضها ؛ ويخشون أن يكون وراءها انتزاع السلطان منهم والتفضل عليهم ! فما القول ولقمان الحكيم يعرضها على ابنه ويأمره بها ? والنصيحة من الوالد لولده مبرأة من كل شبهة ، بعيدة من كل ظنة ? ألا إنها الحقيقة القديمة التي تجري على لسان كل من آتاه الله الحكمة من الناس ؛ يراد بها الخير المحض ، ولا يراد بها سواه . . وهذا هو المؤثر النفسي المقصود .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

يقول تعالى مخبرًا عن وصية لقمان لولده - وهو : لقمان بن عنقاء بن سدون . واسم ابنه : ثاران في قول حكاه السهيلي . وقد ذكره [ الله ]{[22948]} تعالى بأحسن الذكر ، فإنه آتاه الحكمة ، وهو يوصي ولده الذي هو أشفق الناس عليه وأحبهم إليه ، فهو حقيق أن يمنحه أفضل ما يعرف ؛ ولهذا أوصاه أولا بأن يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئًا ، ثم قال محذرًا له : { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } أي : هو أعظم الظلم .

قال البخاري حدثنا قتيبة ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة{[22949]} ، عن عبد الله ، رضي الله عنه ، قال : لما نزلت : { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } [ الأنعام : 82 ] ، شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : أينا لم يَلْبس إيمانه بظلم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه ليس بذاك ، ألا{[22950]} تسمع إلى قول لقمان : { يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } .

ورواه مسلم من حديث الأعمش ، به{[22951]} .


[22948]:- زيادة من ت.
[22949]:- في ت: "روى البخاري بسنده".
[22950]:- في أ: "ألم".
[22951]:- صحيح البخاري برقم (4776) وصحيح مسلم برقم (124).
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

وقوله { وإذ قال } يحتمل أن يكون التقدير واذكر إذ قال ، ويحتمل أن يكون التقدير «وآتيناه الحكمة إذ قال » واختصر ذلك لدلالة المتقدم عليه واسم ابنه ثاران{[9357]} ، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم «يا بنيِّ » بالشد والكسر في الياء في الثلاثة على إدغام إحدى الياءين في الأخرى ، وقرأ حفص والمفضل عن عاصم «يا بنيَّ » بالشد والفتح في الثلاثة على قولك يا بنيا ويا غلاما ، وقرأ ابن أبي برة عن ابن كثير «يا بنيْ » بسكون الياء ، و { يا بني إنها } [ لقمان : 16 ] بالكسر ، و { يا بنيَّ أقم الصلاة } [ لقمان : 17 ] بفتح الياء ، وروى عنه قنبل بالسكون في الأولى والثالثة وبكسر الوسطى وظاهر قوله { إن الشرك لظلم عظيم } أنه من كلام لقمان ، ويحتمل أن يكون خبراً من الله تعالى منقطعاً من كلام لقمان متصلاً به في تأكيد المعنى ، ويؤيد هذا الحديث المأثور أنه لما نزلت { ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } [ الأنعام : 82 ] أشفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أينا لم يظلم ، فأنزل الله تعالى { إن الشرك لظلم عظيم } فسكن إشفاقهم{[9358]} .

قال الفقيه الإمام القاضي : وإنما يسكن إشفاقهم بأن يكون ذلك خبراً من الله تعالى ، وقد يسكن الإشفاق بأن يذكر الله ذلك عن عبد قد وصفه بالحكمة والسداد .


[9357]:في القرطبي: (ثاران) بالثاء، وفي بعض الأصول (تابان) بالتاء.
[9358]:قوله تعالى: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} من الآية 82 من سورة الأنعام، والحديث ذكره القرطبي، وقال عنه: "وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه"، وذكر الإمام السيوطي في (الدر المنثور 3-26، 27) أنه أخرجه أحمد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والدارقطني في الإفراد، وأبو الشيخ، وابن مردويه – عن عبد الله بن مسعود، ولفظه كما في الدر: (قال: لما نزلت هذه الآية {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} شق ذلك على الناس، فقالوا: يا رسول الله وأينا لا يظلم نفسه؟ قال: إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: {إن الشرك لظلم عظيم}، إنما هو الشرك). ومن هذا النص يتضح أن قوله تعالى: {إن الشرك لظلم عظيم} من كلام لقمان، وهو ما رجحه ابن عطية والمفسرون. (وقد سبق الكلام على ذلك في الجزء الخامس صفحة 266).