فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

{ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ } قال السهيلي : اسم ابنه ثاران في قول ابن جرير والقتيبي . وقال الكلبي : مشكم . وقال النقاش : أنعم . وقيل : ماتان . قال القشيري : كان ابنه وامرأته كافرين فما زال يعظهما حتى أسلما ، وهذه الجملة معطوفة على ما تقدّم ، والتقدير : آتينا لقمان الحكمة حين جعلناه شاكراً في نفسه ، وحين جعلناه واعظاً لغيره . قال الزجاج : { إذ } في موضع نصب ب { آتينا } . والمعنى : ولقد آتينا لقمان الحكمة إذ قال . قال النحاس : وأحسبه غلطاً لأن في الكلام واواً ، وهي تمنع من ذلك ، ومعنى { وَهُوَ يَعِظُهُ } يخاطبه بالمواعظ التي ترغبه في التوحيد ، وتصدّه عن الشرك { يابني لاَ تُشْرِكْ بالله } قرأ الجمهور بكسر الياء .

وقرأ ابن كثير بإسكانها . وقرأ حفص بفتحها ، ونهيه عن الشرك يدلّ على أنه كان كافراً كما تقدّم ، وجملة { إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } تعليل لما قبلها ، وبدأ في وعظه بنهيه عن الشرك لأنه أهمّ من غيره .

وقد اختلف في هذه الجملة ، فقيل : هي من كلام لقمان . وقيل : هي من كلام الله ، فتكون منقطعة عما قبلها ، ويؤيد هذا ما ثبت في الحديث الصحيح أنها لما نزلت { وَلَمْ يَلْبِسُواْ إيمانهم بِظُلْمٍ } [ الأنعام : 82 ] شق ذلك على الصحابة ، وقالوا : أينا لم يظلم نفسه . فأنزل الله : { إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } فطابت أنفسهم .

/خ19