فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ} (13)

{ و } اذكر { إذ قال لقمان لابنه } قال السهيلي : واسم ابنه ثاران في قول ابن جرير ، والقتيبي ، وقال الكلبي مشكم ، وقال النقاش : أنعم وقيل : ماتان ، قال القشيري : كان ابنه وامرأته كافرين فما زال يعظهما حتى أسلما ودل على هذا قوله : لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ، والتقدير آتينا لقمان الحكمة حين جعلناه شاكرا في نفسه ، وحين جعلناه واعظا لغيره .

{ وهو يعظه } أي : والحال أنه يخاطبه بالموعظة التي ترغبه في التوحيد ، وتصده عن الشرك ، وذلك لأن أعلى مراتب الإنسان أن يكون كاملا في نفسه مكملا لغيره ، وبدأ بالأقرب وهو ابنه فقال :

{ يا بني } تصغير إشفاق ومحبة { لا تشرك بالله } وهذا يدل على أنه كان كافرا كما تقدم . قال الخطيب ، والخازن : فرجع إليه وأسلم . وقيل : كان مسلما ونهاه أن يقع منه إشراك في المستقبل .

{ إن الشرك لظلم عظيم } لأنه تسوية بين من لا نعمة إلا وهي منه ، وبين من لا نعمة له أصلا . وبدأ وعظه بنهيه عن الشرك ، لأنه أهم من غيره وقد اختلف في هذه الجملة ، فقيل : هي من كلام لقمان ، فتكون تعليلا لما قبلها ، وقيل : هي من كلام الله ، فتكون منقطعة عما قبلها ، ويؤيد هذا ما ثبت في الحديث الصحيح ، أنها لما نزلت : { ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } شق ذلك على الصحابة وقالوا : أينا لم يظلم نفسه ؟ فأنزل الله إن الشرك لظلم عظيم ، فطابت أنفسهم .